إنّ مقتضاه هو البراءة ، سواء أقلنا بإمكان أخذه في المتعلّق أم لا؟ أمّا على الأوّل فواضح ، وأمّا على الثاني فلأنّ المولى وإن كان غير متمكّن من الأخذ في المتعلّق لكن يمكن أن ينبه على شرطيته بالأمر الثاني أو بالطرق التي تعرفت عليها.
لكن المحقّق الخراساني ذهب إلى أنّ الأصل الجاري في المقام عند الشكّ هو الاشتغال ، قائلاً :
بأنّ الشكّ هاهنا في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم ، مع استقلال العقل بلزوم الخروج عنها ، فلا يكون العقاب ـ مع الشكّ وعدم إحراز الخروج ـ عقاباً بلا بيان ، ضرورة أنّه بالعلم بالتكليف ، تصحّ المؤاخذة على المخالفة ، وعدم الخروج عن العهدة ، لو اتّفق عدم الخروج عنها بمجرّد الموافقة بلا قصد القربة ، وهكذا الحال في كلّ ما شكّ دخله في الطاعة ، والخروج به عن العهدة ممّا لا يمكن اعتباره في المأمور به ، كالوجه والتمييز. (١)
توضيحه : أنّه قدسسره بصدد بيان الفرق بين الأقلّ والأكثر الارتباطيين ، والمقام بأنّ الشكّ في الثاني يرجع إلى الشكّ في السقوط دون الأوّل فانّ الشكّ فيه يرجع إلى سعة المتعلّق وضيقه.
وأساس الفرق هو التمكّن من أخذ القيد في المتعلّق في الارتباطيين ، دون المقام حيث إنّ الأخذ فيه مستلزم للمحال ، وعلى ضوء ذلك لا ملازمة بين القول بالبراءة فيهما والقول بالبراءة في المقام ـ مضافاً ـ إلى أنّه قدسسره يعول بالاشتغال في كلا المقامين كما سيوافيك في مبحث الاشتغال.
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ ما ذكره مبني على تقسيم الجزء إلى ما يمكن أن يكون
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١١٣ ـ ١١٤.