بأمارة شرعية ، وذلك :
لأنّ لسان الأمارات لسان ما هو الشرط واقعاً ، فانّ دليل حجّيتها حيث كان بلسان أنّه واجد لما هو شرطه الواقعي فبارتفاع الجهل ينكشف أنّه لم يكن كذلك بل كان شرطه فاقداً. (١)
وبعبارة أُخرى : انّ لسان دليل التعبد بالأمارات هو التعبّد بها بما انّه طريق إلى الواقع وكاشف عنه وانّ الواقع متحقّق هنا ، فإذا تعبّدنا الشارع بالعمل بالأمارة لأجل هذه الحيثية ثمّ تبيّن الخلاف وانّه لم يكن طريقاً ولا كاشفاً ولا الواقع متحقّقاً ، يتبين أنّه لم يكن هنا تعبد بالعمل بها في هذا المورد ، ومعه كيف يمكن القول بالإجزاء؟
وبعبارة ثالثة : انّ العمل بالأمارات لأجل الكشف عن الواقع دون تصرّف فيه ولا انقلاب الواقع عنه إلى مدلول الأمارة ، فعندئذ فالذي تعلق به الأمر لم يحصل ، لتخلّف الأمارة ، والذي حصل لم يتعلق به الأمر. (٢)
هذا هو الظاهر من كلّ من قال بعدم الإجزاء في العمل بالأمارات والبيّنات.
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ المعيار في حجيّة الأمارة وإن كان هو الكشف عن الواقع غير أنّ المراد من الكشف هو الكشف النوعي الغالبي لا الكشف الدائمي ، وذلك واضح لمن لاحظ الأمارة ، فانّ الثقة ليس بمعصوم وإنّما يُصيب قوله الواقع في أكثر الموارد لا جميعها ، فمن اعتبره حجّة فإنّما اعتبره بهذا الملاك أي كونه كاشفاً عن الواقع في غالب الموارد ، فإذا كان هذا هو الملاك فهو موجود في عامّة الموارد حتّى فيما خالف الواقع.
__________________
١ ـ الكفاية : ١ / ١٣٣.
٢ ـ تهذيب الأُصول : ١ / ١٤٧.