والحاصل : انّ المطلوب بعد العلم باشتغال الذمة هو العلم بالمسقط أو قيام الحجّة عليه ، والأصل الثاني لا يثبت كون المأتي به مسقطاً ، وإنّما يدلّ على عدم فعلية الواقع في حقّه ، ولازم ذلك وإن كان مسقطية المأتي به لكنّه أصل مثبت.
فإن قلت : ما الفرق بين المقام وبين المقامين الآخرين :
١. الأوامر الاضطرارية ، إذا فقد الماء في أوّل الوقت ووجده في آخره.
٢. الأوامر الظاهرية ، إذا أحرزت انّ الحجّية من باب السببية ، حيث مرّ عدم وجوب الإعادة في هاتين الصورتين عند ارتفاع الاضطرار أو تبين الخلاف؟
قلت : الفرق بينهما واضح وهو وجود العلم بوجوب الفرد الاضطراري أو الفرد المأمور به بالأمر الظاهري ( لأجل القول بالسببية ) فيهما ، وقد امتثل ما علم به وبعد ارتفاع الاضطرار أو الجهل في الوقت يشك في حدوث وجوب آخر يتعلّق بإتيان الفرد الاختياري أو الفرد الواقعي والأصل عدم حدوثه.
وأمّا المقام فليس هناك أيّ علم بوجوب الفرد الظاهري ، وذلك لأنّ الأمارة لو كانت حجّة من باب السببية فالفرد مأمور به ، وإن كانت حجّة من باب الطريقية فليس بمأمور به ، فينتج أنّه ليس لنا علم قطعي بوجوب الفرد المأتي به حتى يقال : انّ ما علم قد امتثل وما لم يمتثل ( الفرد الواقعي ) يُشك في حدوث الوجوب المتعلق به ، فيكون المرجع هو أصالة عدم الإتيان بما يسقط معه التكليف وهي تقتضي الإعادة في الوقت.
وقد أشار المحقّق الخراساني إلى السؤال والجواب من دون طرح السؤال بقوله : « وهذا بخلاف ما إذا علم أنّه مأمور به واقعاً وشكّ في أنّه يجزي عمّا هو المأمور به الواقعي الأوّلي ، كما في الأوامر الاضطرارية أو الظاهرية بناءً على أنّ