توضيحه : انّ الانشاء عبارة عن استعمال اللفظ في معناه الإيجادي والاستعمال لا يقبل التعليق ، فانّه إمّا يُستعمل اللفظ في معناه الإيجادي أو لا يستعمل.
ثمّ إنّ استعمال اللفظ لغاية إيجاد معناه تارة يكون المستعمل فيه الطلب المطلق كما إذا قال : أقم الصلاة ، وأُخرى يكون مفاده الطلب المقيّد كما إذا قال : ( أَقم الصلاة لدلوك الشمس ) ومعناه الطلب والبعث على تقدير ، فلو كان هناك تعليق فإنّما هو في المنشأ لا في الإنشاء.
فإن قلت : بأنّ المنشأ ـ الطلب المعلّق ـ من مقولة الوجود ، وهو لا يقبل التعليق ، لأنّ النبي امّا موجود أو معدوم وليس هنا قسم ثالث أي الوجود المعلق.
قلت : إنّما ذكرته إنّما يتم في الأُمور التكوينية فالوجود التكويني لا يقبل التعليق ، وأمّا الوجود الاعتباري أعني الطلب فلا مانع من تعليقه فتارة يكون المنشأ فلا مانع من الطلب المطلق ، وأُخرى الطلب المشروط بشرط الاستطاعة ، والاشتباه حصل من قياس الأُمور الاعتبارية بالتكوينية.
الخامس : إذا كان رجوع القيد إلى الهيئة مستلزماً لرجوع القيد إلى المنشأ يلزم تفكيك الإنشاء عن المنشأ ، حيث إنّ الإنشاء قد تمّ ، مع أنّ المنشأ أعني الطلب غير موجود ، للاتفاق على عدم حصول الطلب قبل تحقّق الشرط ، وهذا نظير القول بتحقّق الإيجاد من دون أن يتحقّق الوجود وهو محال.
يلاحظ عليه : بأنّ المنشأ غير منفك عن الإنشاء ، وذلك لأنّ المنشأ لو كان هو الطلب المطلق لكان لما ذكر وجه ، وأمّا إذا كان المنشأ الطلب على تقدير حصول الشرط فهذا النوع من الطلب موجود قبل حصول الشرط.
فإذا قال : أقم الصلاة عند دلوك الشمس ، فالطلب على تقدير الدلوك