فالاشتغال اليقيني بوجوب الإتيان بالوضوء ، امّا قبل الصلاة متعيّناً أو قبل الصلاة وبعدها متخيراً يقتضي الإتيان به على نحو يعلم بفراغ الذمة عمّا اشتغلت به وليس هو إلاّ الإتيان قبلها.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني ذهب إلى أنّ المرجع في المقام هو البراءة وانّه يكون مختاراً بين الوقتين قائلاً : بأنّ مرجع الشكّ في المقام إلى الشكّ في تقييد الصلاة بالوضوء وانّه شرط لصحتها ، فيرجع الشك بالنسبة إلى الصلاة إلى الشك بين الأقل والأكثر الارتباطي ، وأصالة البراءة تقتضي عدم شرطية الوضوء للصلاة ، فتكون النتيجة ، النفسية. (١)
يلاحظ عليه بوجهين :
أوّلاً : أنّ الأصل مثبت حيث إنّ إجراء البراءة عن تقييد الصلاة بالوضوء لا يثبت كون الأمر المشكوك واجباً نفسياً إلاّ بالقول بالأصل المثبت فانّ كون الأمر المشكوك نفسياً لازم عقلي لعدم تقييد الصلاة بالوضوء.
ثانياً : انّ اجراء الأصل في ناحية المتعلّق ( الصلاة ) لا يؤثر في انحلال العلم الإجمالي فانّه يعلم بوجوب الوضوء إمّا غيرياً أو نفسياً ، ولكلّ من الغيرية والنفسية أثر شرعي ، إذ على الغيري يجب تقديمه ، وعلى النفسي مخيّر بين الأمرين. فمقتضى هذا العلم الإجمالي هو لزوم الامتثال اليقيني وهو فرع الإتيان بالعمل قبل الصلاة.
الثانية : إذا دار أمر وجوب الوضوء بين كونه نفسيّاً أو غيرياً لكن وجوب الغير بعدُ لم يثبت فما هو مقتضى الأصل؟ والظاهر أنّ مقتضاه هو البراءة ، إذ لو كان وجوبه غيرياً لم يجب الآن لعدم وجوب ذيه فبقي كونه واجباً نفسياً وهو
__________________
١ ـ فوائد الأُصول : ١ / ٢٢٣.