مشكوك ، وإلى ما ذكرنا يشير المحقّق الخراساني حيث قال : « وإلاّ فلا ، لصيرورة الشكّ فيه بدوياً » (١) ، إذ لو كان وجوبه غيرياً لا يجب لعدم وجوب الصلاة ظاهراً بمقتضى البراءة فيصير كونه واجباً نفسياً مشكوكاً مجرى للبراءة.
وأورد عليه المحقّق النائيني قائلاً : بأنّ الأقوى وجوبه ، لأنّ المقام من قبيل العلم الإجمالي بوجوب الأقلّ أو الأكثر ، إذ كما أنّ العلم بوجوب ماعدا السورة مع الشكّ في وجوبها يقتضي امتثال ما علم ولا يجوز البراءة فيه ، مع أنّه يحتمل كون ما عدا السورة واجباً غيرياً ومقدّمة للصلاة مع السورة فكذلك المقام ، من غير فرق بينهما سوى تعلّق العلم بمعظم الواجب في مثل الصلاة بلا سورة ، وفي المقام تعلّق بمقدار من الواجب كالوضوء فقط ، وهذا لا يصلح لأن يكون فارقاً. (٢)
يلاحظ عليه : أوّلاً : بأنّ العلم التفصيلي بأنّ الأقل واجب على كلّ تقدير معلول العلم الإجمالي بأنّ الأقلّ إمّا واجب نفسي أو واجب غيري ، وعند ذلك كيف يمكن الأخذ بالأقل بادّعاء أنّه معلوم الوجوب تفصيلاً ، مع إجراء البراءة عن وجوب الأكثر ( الصلاة مع السورة ) والقول بانحلال العلم الإجمالي إلى تفصيلي وبدوي وليس هذا إلاّ نظير الأخذ بالمعلول مع اعدام العلة؟
ونظيره المقام فانّ الجمع بين القول بوجوب الوضوء وإجراء البراءة عن وجوب الصلاة المتقيّدة بالوضوء يشبه بالأخذ بالمعلول مع نفي علّته ، وذلك لأنّ العلم التفصيلي بوجوب الوضوء رهن العلم الإجمالي بكونه واجباً إمّا نفسياً أو غيريّاً ، فكيف يمكن القول بوجوبه تفصيلاً مع إجراء البراءة عن الوجوب الغيري « وجوب الصلاة المقيدة بالوضوء » ، مع أنّ حفظ العلم التفصيلي رهن حفظ العلم الإجمالي بكلا طرفيه لا حفظ طرف واحد؟!
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٧٥.
٢ ـ فوائد الأُصول : ١ / ٢٢٣.