ثمّ إنّ المحقّق العراقي اعترض على بيان المحقّق المحشّي وحاصل. اعتراضه يتلخّص في وجهين :
الوجه الأوّل : إنّا لا نسلم انّ الجهات التعليلية في الأحكام العقلية جهات تقييدية ، لوضوح أنّ العقل يرى لحكمه موضوعاً وعلّة.
الوجه الثاني : لو صحّ ما ذكره ، فإنّما هو في الأحكام العقلية المحضة لا الشرعية المستكشفة كما في المقام ، فانّ الوجوب فيه بحكم الشارع ولا دخل للعقل فيه إلاّ بنحو الكاشفية. (١)
وإلى الوجه الثاني يشير المحقّق الخوئي في تعليقته على تقريرات أُستاذه حيث قال : مغالطة نشأت من خلط الحكم الشرعي المستكشف من حكم عقلي ، بالحكم العقلي الثابت لجهة تعليلية ، ومن الواضح انّ كون الجهات التعليلية في الأحكام العقلية ، جهات تقييدية ، أجنبي عن كون الجهات في الأحكام الشرعية جهات تقييدية ولو كانت مستكشفة من طريق العقلي. (٢)
والظاهر ضعف الإشكالين :
أمّا الأوّل : فانّه نابع من خلط مقام الثبوت بالإثبات ، فما ذكره من أنّ للعقل حكماً وموضوعاً وعلّة ، صحيح في مقام الإثبات ، فيقال : الكذب قبيح لأنّه مضر للمجتمع ، وأمّا في مقام الثبوت فليس هناك إلاّ شيئان : الحكم والموضوع ، والموضوع عند العقل في مقام الثبوت هو الإضرار ، والكذب محكوم بالقبح لا بالذات بل لكونه من مصاديق الإضرار.
__________________
١ ـ بدائع الأفكار : ١ / ٣٨٧.
٢ ـ أجود التقريرات : ١ / ٢٣٣.