وجوده دون ما لا يقع في سلسلتها. (١)
إنّ هذه الكلمات تدور حول محور واحد ، وهو أنّ الملاك لوجوب المقدّمة هل هو التوقّف أو التوصّل؟ وكل يدّعي واحداً منهما من دون أن يقيم برهاناً عقلياً قاطعاً للنزاع.
والذي يمكن أن يحسم به النزاع هو تشخيص الغاية الذاتية عن العرضية في المقام بما قرر في الفلسفة وهو :
إنّ الإجابة بالغاية الذاتية تقطع السؤال ، بخلاف الإجابة بالغاية العرضيّة فانّها لا تقطع ، بل للسائل أن يسأل عن وجه تحصيل الغاية العرضيّة أيضاً ، وقبل أن نميّز الغاية العرضية عن الذاتية في المقام نطرح مثالاً لينجلي فيه الموضوع.
إنّ طالب العلم يتحمّل مشقّة وعناءً في سبيل التعلم ، فلو طرحنا عليه السؤال التالي :
١. لماذا تدرس وتتحمل كلّ هذا العناء؟
لأجاب : أدرس بغية النجاح في الامتحان.
٢. ولماذا تريد النجاح في الامتحان؟
لأجاب : لنيل الشهادة.
٣. لماذا تريد نيل الشهادة العلميّة؟
لأجاب : للارتزاق بها في حياتي.
فعندئذ تنتهي الأسئلة المتواردة ، فلو سألته بقولك لماذا تريد الارتزاق؟ يكون السؤال غلطاً ، لأنّ الارتزاق من ضروريات الحياة ، وهي غاية ذاتية لا تنفك عنها.
__________________
١ ـ نهاية الدراية : ٢٠٥.