وثانياً : إذا كانت المعاني في الخارج ، مستقلة وغير مستقلة ، قائمة بنفسها ومتدلّية بغيرها. فلماذا يترك الواضع هذين المعنيين ولم يُعْرِ لهما أهمية فانّ تعلّق الغرض ببيان هذين المعنيين بنفس خصوصياتهما أكثر من تعلّق غرضه بالجامع بينهما.
وثالثاً : إذا فرضنا انّ الخصوصيتين ـ أعني : الاستقلالية والآلية ـ غير داخلتين في الموضوع له وإنّما تعرضان للمعنى عند الاستعمال فما هو الدليل المفهم لتلك الخصوصية فانّ المفروض انّ الدالّ هو اللفظ ، واللفظ دالّ على المعنى الجامع ، فكيف تفهم الخصوصية عند الاستعمال مع أنّها غير داخلة لا في الموضوع له ولا في المستعمل فيه؟!
ورابعاً : انّ لازم ما ذكره جواز استعمال كلّ من الاسم والحرف مكان الآخر ، مع أنّه غير جائز ، وما ذكره من أنّ هذا النوع من الاستعمال على خلاف شرط الواضع ، غير تام ، لعدم لزوم اتّباع شرطه ، حتى وإن شرطه في ضمن الوضع.
وخامساً : ماذا يريد من خروج الاستقلالية والتبعية من صميم المعنى الاسمي والحرفي؟ فإن كان يريد خروجهما عن مفهومهما واقعاً ، فهذا نفس القول بارتفاع النقيضين ، فانّ المعنى في حدّ الذات إمّا مستقل أو غير مستقل.
وإن أراد خروج لحاظ الاستقلالية والآلية لا نفسهما عن صميم المعنى كما هو ظاهر كلامه ، فيرد عليه انّ مقوم المعنى الحرفي ليس لحاظ الآلية حتى يلزم من خروجه عن صميم المعنى ، وحدة المعاني الحرفية والاسمية ، بل المعيار في كون المعنى حرفياً هو كون جوهره وحقيقته قائماً بالغير متدلّياً به في مقابل خلافه.
ولو كان الملاك للمعنى الاسمي والحرفي هو لحاظ الاستقلال في الأوّل ولحاظه الآلية في الثاني كان لما ذكره وجه حيث يصحّ ردّه بالبراهين الثلاثة على