وإنّما لجأ القائل إلى هذا القول ، لأجل الفرار عن الإشكالات الستة المتوجّهة إلى القول الخامس ، وقد قرّر بوجوه :
الأوّل : ما قرره سيّد مشايخنا المحقّق البروجردي ، وحاصل ما أفاده :
إنّ متعلّق الوجوب ذاتُ ما يوجد من المقدّمات مصداقاً للموصل ، لا بوصف الموصلية. بمعنى أنّ الشارع رأى أنّ المقدّمات في الخارج على قسمين. قسم منها يوصل إلى ذيها ويترتّب هو عليها واقعاً ، وقسم منها لا يوصل ، فخصّ الوجوب بالقسم الأوّل ـ أعني : ما يكون بالحمل الشائع مصداقاً للموصل ـ وليست الموصلية قيداً مأخوذاً في الواجب بنحو يجب تحصيله ، بل هي عنوان مشير إلى ما هو واجب في الواقع ، وإنّما خصّ الوجوب به لأنّ المقدّمة ليست مطلوبة في حدّ الذات ، بل مطلوبيّتها لأجل ذيها ، فيختصّ طلبُها بما هو ملازم للمطلوب بالذات.
ثمّ ردّه المحقّق البروجردي بأنّ ما ذكرمن المقدّمة الموصلة ليس أمراً جديداً ، بل هو نفس ما ذكره بعض القدماء من اختصاص الوجوب بالمقدّمة السببيّة ، فانّ المقدّمة التي تكون موصلة في متن الواقع ويترتّب عليها ذو المقدّمة لا تنطبق إلاّ على المقدّمة السببيّة. (١)
ومع ذلك فالبيان المذكور ليس وافياً للمقصود ، إذ فيه :
أوّلاً : أنّ تصوير القضية الحقيقية ـ المتوسطة بين المشروطة والمطلقة ـ أمر غير تام. لأنّ قوله : « حين هو كاتب » إمّا ملحوظ في ثبوت الحكم ، فيكون قيداً ، فترجع القضية الحينية إلى المشروطة ، أو غير ملحوظ فيه ، فترجع إلى المطلقة ، ولا
__________________
١ ـ نهاية الأُصول : ١٧٩ ـ ١٨٠.