والتقمّص.
فإن قلت : إنّ ما ذكر من التعريف للمعنى الحرفي لا ينطبق على بعض الحروف كالكاف في قوله ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء ) (١). فانّ معناه « ليس مثلَ مثله شيء » ونظيره « واو » الاستئناف و « تاء » التأنيث في « ضربت » ، ولفظة « قد » في الفعل الماضي.
قلت : إنّ الكاف في الآية ليس حرفاً بل اسم بمعنى « مثل » ولذلك تقسم الكافُ إلى حرف واسم ، وأمّا الباقي فالأولى المعاملة معها معاملة العلائم كالتنوين في الفاعل ، والنصب في المفعول ، ولا مانع من كون بعض العلائم مشيرة إلى المعنى الاسمي.
فإن قلت : إنّ المحقّق صاحب الحاشية ( المتوفّى ١٢٤٨ هـ ) قسّم معاني الحروف إلى قسمين : إخطارية وإيجادية ، والمراد من الأُولى ما يكون حاكياً عن معنى متحقّق في الخارج مثل قولك : « سرت من البصرة إلى الكوفة » ، كما أنّ المراد من الثانية ما لا يكون حاكياً عن معنى متحقّق في الخارج بل المعنى يوجد بنفس الاستعمال ، مثل قولك : يا زيد أو « إياك » فالجميع ينشئُ معنى النداء والخطاب ، فالقسم الأوّل أشبه بالجمل الخبرية والقسم الثاني أشبه بالجمل الإنشائية ، فهل يخالف ذلك المعنى ، المختار؟
قلت : إنّ تقسيم معاني الحروف إلى إخطارية وإيجادية تقسيم بديع ، ولكن الإخبار والإيجاد يتحقّقان بما للحروف من المعنى ، فلابدّ من التركيز على المعنى الحرفي أوّلاً ـ وقد أهمله صاحب الحاشية ـ ثمّ تقسيم ذلك المعنى إلى إخطاري
__________________
١ ـ الشورى : ١١.