ويمكن أن يقال : انّ حاتم ويوسف قد خرجا عن العلمية وصارا عند المتكلم اسماً للسخي غاية السخاء ، والجميل غاية الجمال ، فعندئذ يستعمله في الجامع المنطبق على ذينك الفردين.
والذي يؤيد كون المجاز من مقولة الاستعمال فيما وضع له هو انّ الكناية عند القوم من قبيل استعمال اللفظ في الملزوم لغاية الانتقال إلى لازمه ، فهو أشبه بالمجاز حيث إنّه من قبيل الاستعمال في المعنى الحقيقي لغاية الانتقال إلى الفرد الادّعائي. والفرق بينهما وجود الادعاء في المجاز دون الكناية.
فإن قلت : ما الفرق بين هذه النظرية وما نسب إلى السكاكي في كتابه « مفتاح العلوم » حيث إنّه هو أيضاً يدّعي انّ المعنى المجازي فرد ادّعائي للمعنى الحقيقي؟
قلت : الفرق بينهما واضح ، ذلك انّ السكاكي يعتقد كالمشهور بأنّ المجاز عبارة عن استعمال اللفظ في غير ما وضع له من أوّل الأمر لكن المجوز لاستعارته لما لم يوضع له هو ادّعاء كونه من مصاديق ما وضع له ادّعاءً على خلاف تلك النظرية التي تقول باستعمال اللفظ فيما وضع له مدّعياً بأنّه من مصاديق ما وضع له من أوّل الأمر ، وإليك نصّ عبارة السكاكي في « مفتاح العلوم » ، قال في علم البيان :
وأمّا المجاز فهو الكلمة المستعملة في غير ما هي موضوعة له بالتحقيق ، استعمالاً في الغير بالنسبة إلى نوع حقيقتها ، مع قرينة مانعة عن إرادة معناها في ذلك النوع ، ثمّ أخذ في تفسير قيود التعريف. (١)
__________________
١ ـ مفتاح العلوم : ١٥٣ ، ط مصر عام١٣١٨ هـ.