صولات في ساحات الوغى ، فالغرض هو المبالغة في الشجاعة وانّه أسد حقيقة بشهادة انّه أثبت له لبداً وأظفاراً غير مقلّمة ، والغاية المتوخّاة لا تحصل إلاّ باستعمال الأسد في نفس الحيوان المفترس لكن بادّعاء انّ المورد من مصاديقه. وأمّا إذا استعمل في الرجل الشجاع يكون الكلام بعيداً عن البلاغة بشهادة انّك لو قلت : « لدى رجل شجاع ذي سلاح حاد » ترى بوناً شاسعاً بين المعنيين.
٣. قامت تظلّلني ومن عجب |
|
شمس تظلّلني مـن الشمس |
والغرض هو إثارة العجب من أنّ المحبوبة بما انّها شمس ساطعة صارت تظلّله من الشمس ، والتعجب إنّما يحصل إذا استعمل الشمس الأُولى في نفس معناها ، وعندئذ يتعجب الإنسان كيف تكون الشمس مظلّلة من الشمس؟! بخلاف ما إذا قلنا بأنّها استعملت في المرأة الجميلة ، إذ لا موجب عندئذ للتعجب ، لأنّ الأجسام على وجه الإطلاق جميلة وغير جميلة تكون حائلة عن الشمس.
وبذلك تقف على حقيقة أدبية ، وهي انّ المجاز ليس من قبيل التلاعب باللفظ بل من قبيل التلاعب بالمعنى على حد تعبير السيّد الأُستاذ ، فالإنسان البليغ لا يستعير لفظ الأسد للرجل الشجاع وإنّما يستعير معناه له ، وهو لا يتحقّق إلاّ باستعماله في نفس الموضوع له ، غاية الأمر بادعاء ، فيكون المجاز هو استعمال اللفظ في المعنى ليكون قنطرة للفرد الادّعائي.
فإن قلت : إنّ تلك النظرية إنّما تصحّ في اسم الجنس الذي له فرد حقيقي وفرد ادّعائي لا في الاعلام كحاتم ويوسف اللذين ليس لهما إلاّ فرد واحد.
قلت : إنّ قوام المجازية هو ادّعاء العينية ، وهو يدّعي انّه نفس حاتم ونفس يوسف وليس مغايراً.