لهم تويبخا (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ) من الضرب والبيع وغير ذلك (وَأَخِيهِ) من هضمكم له بعد فراق أخيه (إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) (٨٩) ما يؤول إليه أمر يوسف (قالُوا) بعد أن عرفوه لما ظهر من شمائله متثبتين (أَإِنَّكَ) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين (لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَ) أنعم (اللهُ عَلَيْنا) بالاجتماع (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ) يخف الله (وَيَصْبِرْ) على ما يناله (فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (٩٠) فيه وضع الظاهر موضع المضمر (قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ) فضلك (اللهُ عَلَيْنا) بالملك وغيره (وَإِنْ) مخففة أي إنا (كُنَّا لَخاطِئِينَ) (٩١) آثمين في أمرك فأذلنا لك (قالَ لا تَثْرِيبَ) عتب (عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) خصه بالذكر لأنه مظنة التثريب فغيره أولى (يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٩٢) وسألهم عن أبيه فقالوا ذهبت عيناه فقال (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا) وهو قميص ابراهيم الذي لبسه حين ألقي في النار كان
____________________________________
كان يتلثم به ، وقيل هو الستر الذي كان يكلمهم من خلفه ، وقيل هو تاج الملك الذي كان يضعه على رأسه ، وكان له في قرنه علامة تشبه الشامة ، وكان ليعقوب مثلها ، ولسارة مثلها ، فعرفوه بها.
قوله : (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) أي هل علمتم عاقبة ما فعلتم بهما ، من تسليم الله إياهما من كل مكروه ، وإنعام الله عليهما بتلك النعم العظيمة. قوله : (من هضمكم له) أي ظلمكم وإذايتكم له. قوله : (إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) أي وقت جهلكم بعاقبة أمرهما. قوله : (من شمائله) أي أخلاقه. قوله : (وإدخال ألف بينهما) إلخ ، أي فالقراءات أربع : التحقيق والتسهيل للثانية ، مع الألف بينهما وبدونها ، وبقي قراءة خامسة سبعية أيضا وهي إنك بهمزة واحدة.
قوله : (قالَ أَنَا يُوسُفُ) إنما عرض باسمه ، تعظيما لما نزل به من ظلم إخوته ، ولما عوضه الله من النصر والملك. قوله : (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ) بإثبات الياء وصلا ووقفا ، وبحذفها فيهما قراءتان سبعيتان فعلى الإثبات تكون من موصولة والفعل صلتها ، وعلى الحذف تكون شرطية ، والفعل مجزوم بحذفها. قوله : (فيه وضع الظاهر إلخ) أي والأصل لا يضيع أجرهم. قوله : (وغيره) أي كالصبر والصفح والحلم. قوله : (لَخاطِئِينَ) يقال خطىء إذا كان عن عمد ، أو خطأ إذا لم يكن عن عمد ، ولذا عبر بخاطئين دون مخطئين.
قوله : (قالَ لا تَثْرِيبَ) أي لا توبيخ ولا لوم عليكم. قوله : (الْيَوْمَ) خبر ثان أو متعلق بالخبر فالوقف عليه وهو الأقرب ، ولذا مشى عليه المفسر ، وقوله : (يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ) استئناف ، ويصح أن يكون ظرفا لقوله يغفر ، فالوقف على قوله عليكم. قوله : (يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ) الجملة دعائية. قوله : (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) أي يقبل التوبة ويعفو عن المذنبين ، ومن كرم يوسف عليهالسلام أنهم لما عرفوه قالوا له : إنك تدعونا بكرة وعشيا إلى الطعام ، ونحن نستحي منك لما تقدم منا فقال : إن أهل مصر كانوا ينظرون إلي بعين العبودية ويقولون : سبحان من بلغ عبدا بيع بعشرين درهما ما بلغ ، ولقد شرفت بكم ، وعظمت في عيونهم ، حيث علموا أنكم إخوتي ، وأني من حفدة إبراهيم عليهالسلام. قوله : (وسألهم عن أبيه) أي حين وقع التعارف وهو تمهيد لقوله : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي). قوله : (وهو قميص إبراهيم الذي لبسه حين