والثالث : بأنّ استكمال الشرائط بحسب ظنّه لا يوجبه واقعا ، نعم يتعبّد بظنّه لو لم يظهر خلافه ، ووجوب الإتمام أوّلا ممنوع ، بل الواجب عليه الإتمام لو صادف الواقع ظنّه ، كما يجب الشروع في الصلاة على ظانّ البقاء. والحاصل أنّ المشروط بشيء يجب إتمامه مع بقاء الشرط لا مطلقا.
وبما ذكر يظهر ضعف قول آخر اختاره بعض مشايخنا الأخباريين من الفرق بين المتلبّس بظنّ البقاء فأوجب الإتمام ، وبدون ظنّه فلا يجب (١).
وذهب جمع آخر ، منهم : الشهيد ، والفاضل في التحرير ، والمحقّق الثاني وصاحبا المدارك والذخيرة ، إلى فوات الجمعة (٢).
وهو الحقّ ؛ لمفهوم الأخبار المتقدّمة ، بل صريح ذيل الصحيحة الثانية ، ولأنّ توقيت الفعل بوقت يجعل صحّته مشروطا به ، فإذا خرج الوقت انتفى الشرط فينتفي المشروط.
ثمَّ لا يخفى أن الكلام في هذه المسألة على القول بتحديد وقتها بالقدمين أو المثل أو وقت الظهر ظاهر.
وأمّا على قول الحلبيّ (٣) ـ الذي هو المختار ـ فقد يتوهّم عدم جريان المسألة فيه ؛ لعدم تحديد لآخر الوقت ، حيث إنّه يجب الشروع بالزوال حتّى يتمّ فلا يشمله قوله : « من أدرك ركعة في الوقت ».
وذلك إنّما كان صحيحا لو كان مراد القائل أنّه يجب الشروع في أوّل الزوال ، ويجوز التطويل إلى أيّ قدر شاء ؛ بل يحدّ الآخر إمّا بالتعارف ، أو القدمين ، أو وقت الظهر ، فتشمله الروايات أيضا.
وعلى هذا ، فعلى ما هو الظاهر من جواز التطويل إلى تضيّق وقت العصر وملاحظة شمول أحاديث الركعة للمضطرّ والمختار ، لا يكون فارق بين قولي الحلّي
__________________
(١) الحدائق ١٠ : ١٤١.
(٢) الذكرى : ٢٣٥ ، التحرير ١ : ٤٣ ، جامع المقاصد ٢ : ٣٦٧ ، المدارك ٤ : ١٦ ، الذخيرة : ٢٩٨.
(٣) راجع ص ١٢٢.