الثالثة (١) ، والشيخ في التهذيب ، والحلّي (٢) ، وقوّاه في الروضة (٣) ، ورجّحه في المدارك (٤) ، فلا قضاء حينئذ ، للأصل ، وإطلاق صحيحة عليّ ورواية الحلبيّ السابقتين ، وذيلي صحيحتي زرارة ومحمّد ، والفضيل ومحمّد. وتخصيصهما بحال الجهل لا وجه له ، واختصاص ما قبلهما بها لا يصلح قرينة لاختصاصهما أيضا ، ولا يدلّ عليه بوجه أصلا.
ويجيبون هؤلاء عن أدلّة وجوب القضاء حينئذ بعد تضعيف الرضويّ سندا : بأنّ العمومات مخصصة بما مرّ ، لأعميتها مطلقا.
والمرسلة والموثّق ـ لاختصاصهما بحال العلم ، وشمولهما لاحتراق الكلّ ـ أعمّان من وجه من ذيلي الصحيحين الأوّلين ، لاختصاصهما باحتراق البعض ، ولا مرجّح لشيء من الفريقين ، وإن كان أحدهما أرجح سندا والآخر من حيث الاعتضاد بالشهرة فتوى ، إلاّ أنّهما مع عدم صلاحيتهما للترجيح على التحقيق متكافئان. وموافقة الذيلين لمذهب العامّة (٥) ـ كما تستفاد عن الانتصار والخلاف ـ لا تضرّ بعد مخالفة صدرهما ، فيبقى إطلاق الصحيح والرواية الأخيرين الذي هو أخصّ مطلقا من عمومات القضاء سالما عن معارض ظاهر.
وجعل إطلاق المرسل والموثّق قريبا من النصّ في احتراق البعض ، لندرة احتراق الكلّ ، وغلبة انكساف البعض ـ مع عدم اعتبار أمثال ذلك ـ لا تفيد ، إذ لو صحّ لكان إطلاق الصحيح والخبر الأخير أيضا بسقوط القضاء قريبا من النصّ فيه.
مضافا إلى أنّ سياق المرسلة ربّما يشير إلى كون موردها خصوص احتراق
__________________
(١) جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٤٦ ، حكاه عن المصباح في المدارك ٤ : ١٣٥ ، وعن المسائل المصرية في المختلف : ١١٦.
(٢) التهذيب ٣ : ١٥٧ ، الحلّي في السرائر ١ : ٣٢١.
(٣) الروضة ١ : ٣١٥.
(٤) المدارك ٤ : ١٣٦.
(٥) انظر : المغني ٢ : ٢٨٠ ، والأم ١ : ٢٤٤.