لكان المحمول مغايرا للموضوع هنا قطعا ، لوجوب أمور أخر فيها من النيّة والقيام والاستقبال وغيرها. فلا بدّ من ارتكاب تجوّز إمّا في الحمل أو الموضوع بإرادة المشروع من الصلاة أو الواجب منها أو المستحب ، والمقصود غير متعيّن ، فالاستدلال به غير تامّ.
وفي الرابع : بأنّ المعلوم اشتغال الذمّة به ـ وهو خمس تكبيرات ـ علمت البراءة عنه ، والاشتغال بالزائد غير معلوم ، فلا يستدعي اليقين بالبراءة.
بل (١) لوقوع الأمر بالصلاة على الميّت مطلقة في أخبار كثيرة ، والصلاة لغة حقيقة في الدعاء فيجب الدعاء له ، وبوجوبه تجب الأربع بالإجماع المركّب.
فإن قيل : الدعاء وإن كان حقيقة لغويّة للصلاة ، ولكنّه مجاز شرعي ، لحصول الحقيقة الشرعية فيها ، فهو معنى مجازي أيضا كالتكبيرات ، فلا تتعيّن إرادته.
قلنا : نعم ، كذلك حين ثبوت الحقيقة الشرعية للصلاة. وحصولها في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سيّما زمان صدور الأخبار النبويّة ـ المتقدّم ذكرها في صدر الباب ـ غير معلوم ، فالحمل على الحقيقة اللغويّة لازم ، وليس هو إلاّ مطلق الدعاء.
فإن قيل : تجب في صلاة الميّت التكبيرات وتعدّد الصلوات وأمور أخر أيضا ، وهي خارجة عن حقيقتها اللغويّة ، فعدم إرادتها معلوم ، والمجاز غير متعيّن.
قلنا : وجوب هذه الأمور لا يستلزم إرادتها من الصلاة ، بل الثابت من الأمر بالصلاة ليس إلاّ وجوب الدعاء وإن علم وجوب أمور أخر بأوامر أخر.
ويؤكّد ما ذكرنا من إرادة المعنى اللغوي ، وكونها هنا بمعنى الدعاء : ما مرّ من رواية محمّد بن مهاجر السالفة (٢) ، المصرّحة بأنّ بعد ما نهى الله عن الصلاة
__________________
(١) عطف على قوله : لا لوقوع الأمر به ..
(٢) في ص ٢٦٩.