الصلاة.
وأمّا الثانية ، فلظهور قوله فيها : « لم أدركها » في وقوع الصلاة عليها أوّلا ، ولذا علّق الصلاة ثانيا على المشيّة ، فهي أيضا كسابقتها تنفي تكرار الصلاة بعد الدفن. ومع ذلك فغايتها نفي ضرب من الاستحباب ، إذ المراد بقوله : « صلّ » ليس حقيقته ـ للتعليق المذكور ـ ومجازه كما يمكن أن يكون مطلق الاستحباب ، يمكن أن يكون تأكده.
وأمّا الثالثة ، فلدلالتها على كفاية الصلاة مقلوبا إذا علم بعد الدفن ، وهو لا يدلّ على عدم وجوبها لو لم يصلّ عليه أصلا.
وأمّا الرابعة ، فلأنّ غايتها رجحان كون الصلاة قبل الدفن ، وأين هو من سقوطها لو لم يصلّ عليه؟ بل وجوب التقدّم أيضا بدليل لا يدلّ على سقوطها لو لم يتقدّم.
ومنه يظهر عدم دلالة الخامسة أيضا.
وأمّا السادسة ، فلأنّها إنّما هي في إقامة الصلاة عند القبور لا صلاة الميّت.
نعم هنا روايتان ، ظاهرهما التعارض :
إحداهما : قوله في ذيل الخامسة : قلت : ولا يصلّون عليه وهو مدفون؟ إلى آخره.
والثانية : صحيحة زرارة ومحمّد : « الصلاة على الميّت بعد ما يدفن إنّما هو الدعاء » قلت : فالنجاشي لم يصلّ عليه النبي؟ قال : « [ لا ] إنّما دعا له » (١).
وظاهر أنّهما لا تصلحان لمعارضة ما مرّ ، لشذوذهما جدّا ، لدلالتهما على المنع مطلقا ، ولا قائل به من الأصحاب ، وإن حكي عن بعضهم القول به محدودا بحدّ
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٠٢ ـ ٤٧٣ ، الاستبصار ١ : ٤٨٣ ـ ١٨٧٣ ، الوسائل ٣ : ١٠٥ أبواب صلاة الجنازة ب ١٨ ح ٥.