الأوقات ، والظهر في بعض ، أو الأوّل على بعض الأشخاص ـ كما في زمن الغيبة على من يحضر عند الإمام الغائب من أولاده وأصحابه ـ والثاني على بعض آخر ، فلا محالة تكون الجمعة بعضا من الخمسة والثلاثين.
ولو لم تصدق البعضيّة على مثل ذلك ، لم تصدق على صلاة الجمعة أصلا ؛ لعدم وجوبها في شيء من الأزمنة على قرية ليس فيها من لا يصلح للإمامة ، أو طائفة كذلك ، ولا على المرأة والمسافر ، والمملوك والمريض وغير ذلك.
والحاصل : أنّا نسلم وجوب الخمسة والثلاثين صلاة في كلّ جمعة إلى الجمعة على الناس ، وأنّ بعضا منها صلاة واجبة تجب فيها الجماعة ، ولكن لا نسلّم أنّ هذا البعض واجب على الكلّ ؛ لصدق البعضيّة بوجوبه (١) في الجملة.
بل لا يمكن أن يراد أنه واجب على الكلّ ؛ ضرورة عدم وجوبه على كثير من الناس. ولا يمكن أن يقال : خرج ما خرج بالدليل ؛ لأنّ هذا إنّما هو على تقدير وجود لفظ عامّ ، كأن يقول : منها صلاة واجبة على الكلّ ، وليس كذلك ، بل يجب التقدير ، فلا يقدّر إلاّ ما علم وجوب تقديره ، فمن أين يقدّر ما يعمّ فاقد الإمام أيضا؟.
مع أنّ في كثير من النسخ هكذا : « فرض الله تعالى على أولئك الناس » وعلى هذا ، فيسقط الاستدلال رأسا ؛ لجواز أن يكون إشارة إلى أهل زمانه عليهالسلام.
وأمّا عن الثانية : فبأنّا نسلّم أنّ بعضا من الخمسة والثلاثين ممّا يجب على كلّ مسلم أن يشهدها ويحضرها ، ولكن بيّن لنا ذلك البعض ، هل هو الركعتان الصادرتان من مطلق إمام الجماعة ، أو من إمام الأصل؟.
ووجوبه على كلّ مسلم لا يدلّ إلاّ على وجوبه عليهم عند تحقق شرائطه ، ألا ترى أنّه يصحّ أن يقال : إنّ الصلوات الواجبة كثيرة ، منها ما يجب على كلّ
__________________
(١) في « ق » : بوقوعه.