هذا .. وعند ما قال لعبد الرحمن الافريقي ، رفيق صباه :
« كيف رأيت سلطاني من سلطان بني أمية؟ ».
أجابه عبد الرحمن : « ما رأيت في سلطانهم شيئا من الجور إلا رأيته في سلطانك .. » (١).
وعند ما قدم عليه عبد الرحمن هذا من إفريقيا ، ودخل عليه ، بعد أن بقي ببابه شهرا ، لا يستطيع الوصول إليه ، قال له عبد الرحمن :
« ظهر الجور ببلادنا ، فجئت لا علمك ؛ فإذا الجور يخرج من دارك. ورأيت أعمالا سيئة ، وظلما فاشيا ، ظننته لبعد البلاد منك ، فجعلت كلما دنوت منك كان الأمر أعظم ».
فغضب المنصور ، وأمر باخراجه (٢) ..
وقال لابن أبي ذؤيب : « أي الرجال أنا؟ ».
فأجابه : « أنت والله عندي شر الرجال ، استأثرت بمال الله ، ورسوله ، وسهم ذوي القربى ، واليتامى. والمساكين ، وأهلكت الضعيف ، وأتعبت القوي ، وأمسكت أموالهم .. » (٣) .. وحج أبو جعفر فدعا ابن أبي ذئب ، فقال : نشدتك الله ، ألست أعمل بالحق؟ أليس تراني أعدل؟ فقال ابن أبي ذئب : أما إذ نشدتني بالله فأقول : اللهم لا ، ما أراك تعدل ، وإنك لجائر ، وإنك لتستعمل الظلمة ، وتترك أهل الخير (٤).
__________________
(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٢٦٨ ، وغيره.
(٢) تاريخ بغداد ج ١٠ ص ٢١٥ ، والامام الصادق ، والمذاهب الأربعة المجلد الأول جزء ٢ ص ٤٧٩.
(٣) الامامة والسياسة ج ٢ ص ١٤٥.
(٤) صفة الصفوة ج ٢ ص ١٧٥.