وعند ما كان يطوف بالبيت سمع أعرابيا يقول : « اللهم إني أشكو إليك ظهور الفساد ، وما يحول بين الحق وأهله ، من الطمع. » ؛ فطلبه المنصور ، فأتي به ، فاستمع المنصور منه إلى شرح واف عن الظلم ، والجور ، والفساد ، الذي كان فاشيا آنذاك ، وهي قصة طويلة لا مجال لذكرها ، وعلى مريدها المراجعة إلى مظانها (١).
ولا بأس بمراجعة ما قاله له عمرو بن عبيد ، في موعظته الطويلة له ، ومن جملتها : « .. إن وراء بابك نيرانا تتأجج من الجور ، والله ، ما يحكم وراء بابك بكتاب الله ، ولا بسنة نبيه إلخ .. » (٢).
وقد لقي أعرابيا بالشام ؛ فقال له المنصور : « احمد الله يا أعرابي ، الذي رفع عنكم الطاعون بولايتنا أهل البيت ».
فأجابه الاعرابي : « إن الله أعدل من أن يجمعكم علينا والطاعون ».
فسكت ، ولم يزل يطلب له العلل حتى قتله (٣).
__________________
(١) المحاسن والمساوي من ص ٣٣٩ ، إلى ص ٣٤١ ، والعقد الفريد للملك السعيد ص ١١٦ ، ١١٧ ، ١١٨ ، وحياة الحيوان للدميري ج ٢ ص ١٩٠ ، ١٩١ ، طبع سنة ١٣١٩ ، وعيون الأخبار ، لابن قتيبة ج ٢ ص ٣٣٣ ، إلى ص ٣٣٦ ، والعقد الفريد ج ٢ ص ١٠٤ ، ١٠٥ ، طبع سنة ١٣٤٦ ، وضحى الاسلام ج ٢ ص ٤٠ ، والامام الصادق والمذاهب الأربعة ج ٢ ص ٤٨٠ ، نقلا عن : تاريخ ابن الساعي ص ١٩ ، والفتوحات الاسلامية لدحلان ج ٢ ص ٤٤٥ حتى ٤٤٨ مطبعة مصطفى محمد. والموفقيات ص ٣٩٢ ، ٣٩٣.
(٢) مرآة الجنان لليافعي ج ١ ص ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، والمحاسن والمساوي ، طبع صادر ص ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، وعيون الأخبار ، لابن قتيبة باختصار ج ٢ ص ٣٣٧ ، ونور القبس ص ٤٤.
(٣) روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار ص ٨٦ وأساس الاقتباس ، والبداية والنهاية ج ١٠ ص ١٢٣ ، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص ٢٦٥ ، وفي كتاب ربيع الابرار ج ١ ص ٦٨٨ ، طبيعة الدعوة العباسية ص ٢٧٣ ، نقلا عن تاريخ دمشق لابن عساكر III ص ٣٩١ : أن الذي قال للمنصور ذلك هو منصور بن جعونة الكلابي : وأن قوله له هو : « إن الله أعدل من أن يسلط علينا الطاعون والعباسيين معا .. ».