بل لقد ورد : أن المأمون قد كتب إلى الرضا نفسه ، يقول له : « لا تأخذ على طريق الجبل وقم. وخذ على طريق البصرة ، فالأهواز ، ففارس .. » (١).
وسر ذلك واضح ؛ فإن أهل الكوفة ، وقم ، كانوا معروفين بالتشيّع للعلويين (٢) وأهل البيت. ومرور الامام (ع) من هذين البلدين ، وخصوصا الكوفة ، التي كانت تعتبر من المراكز الحساسة جدا في الدولة .. سوف
__________________
وإعلام الورى ص ٣٢٠ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٤٩ ، ١٨٠ ، والكافي ج ١ ص ٤٨٦ ، ومسند الامام الرضا ج ١ ص ٤٠ والبحار ج ٤٩ ص ٩١ ، ٩٢ ١١٨ و ١٣٤ ، وكشف الغمة ج ٣ ص ٦٥ ، وغير ذلك كثير.
(١) اصول الكافي ج ١ ص ٤٨٩ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٤٩ و ١٨٠ ، وشرح ميمية أبي فراس ص ١٦٥ ، ومعادن الحكمة ص ١٨٠ ، وإثبات الوصية للمسعودي ص ٢٠٤ ، ومسند الامام الرضا ج ١ ص ٧٣ ، والبحار ج ٤٩ ص ١٣٤.
(٢) تشيع أهل الكوفة وقم أشهر من أن يحتاج إلى بيان ، أو إقامة برهان .. لكننا نورد ـ مع ذلك ـ بعض الشواهد ، تبصرة للقارئ ، فنقول :
أما الكوفة : فقد تقدم قول محمد بن علي العباسي أنها وسوادها شيعة علي وولده .. وفي الطبري ، وابن الأثير ، وغيرهما تجد قول عبد الله بن علي للمنصور ، عند ما استشاره في أمر محمد بن عبد الله بن الحسن : « .. ارتحل الساعة حتى تأتي الكوفة ، فاجثم على أكتافهم ، فانهم شيعة أهل هذا البيت ، وأنصاره الخ .. ». وفي قضية وفاة السيد الحميري ، التي ذكرها المرزباني في كتابه أخبار السيد الحميري دلالة واضحة على تشيع الكوفيين ، وانحراف البصريين ..
ولأجل ذلك نرى المأمون يستقبل وفدا من أهل الكوفة في منتهى الغلظة والجفاء ، فراجع مروج الذهب ج ٣ ص ٤٢١. وفي البداية والنهاية ج ١٠ ص ٩٣ : أن المنصور قد اعترف بأن لإبراهيم بن عبد الله بن الحسن في الكوفة مائة ألف سيف مغمدة ، وأعرب عن مخاوفه من تشيع أهل الكوفة للعلويين ، وولائهم لهم .. بل إننا لا نستبعد أن يكون بناء