يكون من نتيجته : أن يستقبله أهلها بما يليق بشأنه : من الاجلال ، والاعزاز والتكريم.
ولا شك أن الإمام (ع) سوف يستطيع أن يستقطب المزيد من الناس ،
__________________
المنصور لبغداد هو من أجل أن يبتعد عن الكوفة ، وأهلها ، ويأمن على نفسه ؛ قال البلاذري في فتوح البلدان ص ٤٠٥ : « أخذ المنصور أهل الكوفة بحفر خندقها. وألزم كل امرئ للنفقة عليه أربعين درهما. وكان ذاما لهم ؛ لميلهم إلى الطالبيين ، وإرجافهم بالسلطان .. ». وقد تقدم أنه عند ما ذهب إليهم العباس بن موسى ، أخو الامام الرضا عليهالسلام يدعوهم للبيعة ، لم يجبه إلا البعض منهم ، وقال له آخرون : « إن كنت تدعو للمأمون ، ثم من بعده لأخيك ؛ فلا حاجة لنا في دعوتك. وإن كنت تدعو إلى أخيك ، أو بعض أهل بيتك ، أو إلى نفسك أجبناك .. ».
وعلى كل حال .. فقد كانت الكوفة مصدرا لثورات كثيرة على الامويين والعباسيين على حد سواء ، تلك الثورات التي كانت كلها تقريبا بقيادة علوي ، أو داعية إلى علوي .. ولم ينس المأمون بعد ثورة أبي السرايا التي كادت تغير الموازين ، وتقلب ماجريات الأحداث .. إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه ..
وأما تشيع القميين ، فذلك أعرف وأشهر. وقضيتهم مع جبة دعبل التي أهداه إياها الامام لا يكاد يجهلها أحد .. وعند ما طلب المأمون من الريان أن يحدث بفضائل علي عليهالسلام ، وأجاب بأنه لا يحسن شيئا ، قال المأمون : « سبحان الله!! ما أجد أحدا يعيني على هذا الأمر ، لقد هممت أن أجعل أهل قم شعاري ودثاري .. » ...
ولعل تشيع أهل قم هذا هو الذي دفع بالمأمون لأن يوجه إليهم عامله علي بن هشام ؛ لينكل بهم ، ويحاربهم حتى يهزمهم ، ويدخل البلد ، ويهدم سورها ، ويجعل على أهلها مبلغ سبعة ملايين درهم ، بدلا من مليونين ، وهو ما لم يكن يدفعه أي بلد آخر يضاهي بلدهم في عدد السكان وغير ذلك من المميزات ، فكيف بالسبعة .. ومع أنه كان قد خفض الخراج عن السواد ، وبعض البلدان الاخرى ؛ فلما سمعوا بذلك طالبوا بتخفيض الخراج عنهم أيضا ؛ ففعل ذلك .. وكان تخفيضه عنهم بزيادة المليونين إلى سبعة ، كما قلنا .. راجع في تفصيل ذلك : الطبري ج ١١ ص ١٠٩٣ ، والكامل لابن الأثير ج ٥ ص ٢١٢ ، وتاريخ ابن خلدون ج ٣ ص ٢٥٥ ، والنجوم الزاهرة ج ٢ ص ١٩٠ ، وتاريخ التمدن الاسلامي مجلد ١ جزء ٢ ص ٣٣٧ ، وفتوح البلدان للبلاذري ص ٤٤٠ ، وتجارب الامم ج ٦ ص ٤٦٠.