الفضل بن سهل بيده ، وأنه باشر قتله بنفسه (١) ، ولعله اتهم هؤلاء من أجل أن يبعد التهمة عن نفسه لاسباب سياسية لا تكاد تخفى ومن أهمها أن لا يفسد عليه الحسن بن سهل ومن معه والخراسانيين.
وتحسن الاشارة هنا إلى ما قدمناه من عرض المأمون على الفضل أن يزوجه ابنته ـ على الرغم من استهجان تزويج بنات الخلفاء من غير ذوي قرباهم ، فرفض الفضل العرض ، وشكر المأمون ، وجهد المأمون الجهد كله في اقناعه ، فلم يفلح!!. وقال له : لو صلبتني ما فعلته (٢).
فإن عرضه هذا ، وجهده في اقناعه ما كان إلا شركا منه للتجسس والايقاع بالفضل على يدها ، كما فعل بالجواد والرضا (ع) .. وعند ما لم يفلح في اقناع الفضل ، وفشلت مؤامرته ، دبّر قضية حمام سرخس ، ونحج في تدبيره ذاك كما عرفنا ..
وقبل أن نمضي في الحديث يحسن بنا أن نشير الى ما ذكره الاصفهاني في أغانيه ، فيما يتعلق بمقتل الفضل ، حيث قال ما ملخصه : إن ابراهيم ابن العباس الشاعر كان من خواص الفضل بن سهل. وجعله كاتبا لعبد العزيز بن عمران ؛ فلما دبر المأمون قتل الفضل ، وندب إليه عبد العزيز ابن عمران. علم ابراهيم بذلك ، فأخبر به الفضل ، فأظهره للمأمون ، وعاتبه عليه .. وبعد قتل المأمون للفضل ولقتلته سأل من أين سقط الخبر للفضل ؛ فعرف أنه من جهة ابراهيم ؛ فطلبه ؛ فاستتر ، وتحمل ابراهيم بالناس على المأمون. وجرد في أمره هشام الخطيب المعروف بالعباسي ،
__________________
(١) مروج الذهب ج ٣ ص ٤١٧ ، ويظهر أيضا من : الفخري في الآداب السلطانية ص ٢١٨.
(٢) الوزراء والكتاب ص ٣٠٧.