ويقول داود بن علي في خطبته الأولى في مسجد الكوفة أيضا : « .. وأحيا شرفنا وعزنا ، ورد إلينا حقنا وإرثنا .. » (١).
__________________
(١) الطبري ج ١٠ ص ٣٢ ، طبع ليدن ، والكامل لابن الأثير ج ٤ ص ٣٢٥.
أمر هام لا بد من التنبيه عليه :
إننا إذا تتبعنا الأحداث التاريخية ، نجد : أن كل مطالب بالخلافة كان يدعي أول ما يدعي الرحمية والقربى من رسول الله (ص). وأول من بدأ ذلك أبو بكر في يوم السقيفة ، وتبعه على ذلك عمر ؛ حيث قررا أن ليس لأحد الحق في أن ينازعهم سلطان محمد ؛ إذ أنهم أمس برسول الله رحما ( على ما في نهاية الإرب ج ٨ ص ١٦٨ ، وعيون أخبار ابن قتيبة ج ٢ ص ٢٣٣ ، والعقد الفريد ج ٤ ص ٢٥٨ ، طبع دار الكتاب العربي ، والأدب في ظل التشيع ص ٢٤ ، نقلا عن البيان والتبيين للجاحظ ) ؛ ولأنهم هم أولياؤه وعشيرته ، على ما ذكره الطبري ج ٣ ص ٢٢٠ ، طبع دار المعارف بمصر ، والامامة والسياسة ص ١٤ ، ١٥ طبع الحلبي بمصر ، وشرح النهج المعتزلي ج ٦ ص ٧ ، ٨ ، ٩ ، ١١ ، والامام الحسين للعلائلي ص ١٨٦ ، وص ١٩٠ ، وغيرهم. او لأنهم عترة النبي (ص) وأصله والبيضة التي تفقأت عنه كما في العثمانية للجاحظ ص ٢٠٠. فأسقطا بذلك دعوى الأنصار عن الاعتبار.
كما أن أبا بكر قد استدل على الأنصار بالحديث الذي صرح باستفاضته جهابذة أهل السنة ( على ما في ينابيع المودة للحنفي ) ، وهو قوله (ص) مشيرا إلى خلفائه الاثنى عشر : « يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الامة ، كلهم من قريش ». ـ استدل به ـ بعد أن تصرف فيه ، بأن حذف صدره ، واكتفى بذكر : أن الأئمة من قريش على ما في صواعق ابن حجر ص ٦ ، وغيره ..
وأصبح كون الأئمة من قريش تقليدا متبعا ، بل ومن عقائد أهل السنة المعترف بها ، وقد استدل ابن خلدون على ذلك بالاجماع.
ولكن قول عمر : لو كان سالم مولى حذيفة حيا لوليته ، قد أوقع ابن خلدون ، كما أوقع غيره من جهابذة أهل السنة في حيص بيص ؛ لعدم كون سالم قرشيا ، فضلا عن أن يكون أمس رحما برسول الله من غيره ، فراجع مقدمة ابن خلدون ص ١٩٤ ، وغيره من كتبهم ..
أما ابن كثير فانه قد استشكل بالأمر من ناحية اخرى ؛ حيث قال ـ وهو يتحدث عن فتنة محمد بن الأشعث الكندي ـ : « .. والعجب كل العجب من هؤلاء الذين بايعوه بالامارة ،