والتوجّه إلى المعبود والأخبار في هذا الباب وإن بلغت من الكثرة حدّ التّواتر ، بل تجاوزت عن أوّل مرتبته ، إلاّ أنّ من الظّاهر الواضح عدم ورودها في بيان شرط صحّة العمل شرعا ، وان دلّت على واجب خلقيّ أو شرعيّ ؛ فانّ وجوب تهذيب النّفس عن بعض الملكات الموبقة والرّذائل المهلكة لا يلزم اعتباره شرطا في صحّة العبادة.
وهذا أيضا كما ترى ، لا دخل له بمسألة الإحباط ؛ إذ مرجعه عند التّأمّل إلى عدم استحقاق العامل ما أعدّ للعمل الصحيح الغير المجامع لهذه الامور ، وإن استحقّ في حكم العقل ـ بعد صحّة العمل شرعا ـ الأجر في الجملة في مقابل من لم يعمل أصلا أو عمل على الوجه الباطل.
ضرورة عدم إمكان إنفكاك صحّة العمل شرعا وتحقق الامتثال عن استحقاق الأجر في الجملة ، فلا بدّ من أن يحمل جميع ما ورد في هذا الباب لو كان ظاهرا في نفي الأجر راسا على نفي بعض مراتب الأجر والقرب ، كما يحمل عليه ما ورد في باب ارتفاع الصلاة إلى العرش ومقام القبول ومراتبه بحسب إختلاف حالات المصلي وصفاته النّفسانيّة وأفعاله الخارجيّة وضيائها وكدورتها في نظر الحملة.
وأين هذا من مسألة الإحباط؟ وإن هو إلاّ نظير إقتران العمل ببعض الخصوصيات الموجبة لنقص ثوابه من الخصوصيات الزمانيّة أو المكانيّة أو غيرهما كالصلاة في الحمّام مثلا ، فانّه لم يتوهّم أحد : أنّ هذا يرجع إلى الإحباط وإن توهّمه متوهم وزعمه زاعم فسمّاه به غفلة عمّا فيه البحث فلا جدوى لمعارضته والتكلم معه ؛ إذ ثبوت هذا المعنى ضروريّ عند العلماء وتواترت به