الظّاهري. وبعبارة أخرى : العلم بأنّ حكم الواقعة أحد الحكمين أقوى من دلالة المتعارضين على نفي الثّالث.
فيرد عليه : أنّه لم يعلم مناط حكم الشّارع بالتخيير بين الخبرين المتعارضين حتّى يتعدّى منهما إلى الاحتمالين كما ستقف عليه ومنه يظهر النّظر في قوله قدسسره : ـ فيما سيجيء « ويمكن استفادة المطلب من فحوى أخبار التخيير ... إلى آخره » (١) فاللاّزم على تقدير عدم مساعدة دليل الإباحة التّوقف عن الحكم ظاهرا والالتزام بثبوت أحد الحكمين واقعا ولا دليل على وجوب الالتزام بحكم ظاهري في كلّ واقعة معيّنا وإن كان ثابتا في نفس الأمر إذا لم يتوقّف العمل عليه كما هو المفروض هذا.
فإن شئت قلت : إنّ ما دلّ على وجوب الالتزام فإنّما يدلّ على كبرى كليّة لا يمكن أخذ النّتيجة منه بالنّسبة إلى الخصوصيات إلاّ بعد ضمّ صغرى وجدانية أو برهانيّة ، فإذا أردنا إثبات الالتزام بخصوص الوجوب مثلا فلا ينفع فيه مجرّد ما دلّ على وجوب الالتزام بما جاء به الشّارع ، بل لا بدّ من إثبات كونه حكم الله تعالى وممّا جاء به الشّارع ، وكذلك إذا أردنا الالتزام بكون حكم الواقعة أحد الحكمين تخييرا أو الواجب أحد الشيئين تخييرا.
فإن أردنا الالتزام بكون الحكم الواقعي للواقعة التّخيير ، فلا بدّ من إثبات كون الحكم الواقعي التّخيير. وإن أردنا الالتزام بالتخيير الظّاهري فلا بدّ من إثبات كون الحكم الظّاهري ذلك من الخارج ، فعلى كلّ تقدير لا ينفع في ذلك مجرّد
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٩٢ وفيه : « يمكن استفادة الحكم ... إلى آخره ».