ثمّ إنّ المراد من حجيّة القطع على المكلّف مطلقا أو إذا صادف الواقع من الشّارع ـ التي في كلام الاستاذ العلاّمة في بيان تحرير النزاع ليس ما تقدّم القول منه بأنّه محال عقلا ، بل المراد على ما يفصح عنه كلامه أيضا ـ هو مؤاخذة الشارع المكلف على مقتضى قطعه ، فلا يكون بين كلاميه في المقامين تهافت.
ثمّ إنّ التكلّم في المسألة إنّما هو بالنّسبة إلى ما هو الثابت في الواقع مع قطع النظر عن إعتقاد المعتقد حسبما يفصح عنه مقالة الاستاذ العلاّمة أيضا ، كما في جملة من المباحث المعنونة في الاصول والفقه ، وإلاّ فلا معنى للبحث والتكلّم ؛ لأنّه أمر راجع إلى اعتقاده وليس قابلا لوقوع التشاجر فيه من الاعلام ، بل ممّن دونهم في الشأن والمرتبة ، على أنّ إعتقاد المعتقد في محلّ البحث لا يمكن أن يتعلّق بكل من هذه الأقوال على سبيل التخيير والبدليّة ؛ فانّه في علمه مستحق للعقاب قطعا ؛ لاستحالة احتمال الخطأ في إعتقاده حتى يعتقد عدم الاستحقاق على تقدير الخطأ وإلاّ لم يكن عالما وهو خلف.
وبعبارة أخرى : القاطع بالتكليف الالزامي سواء كان قطعه متعلّقا بموضوع الحكم المعلوم ـ كما إذا قطع بخمريّة مايع ـ أو بالحكم الشرعي الكلّي ـ كوجوب الصّلاة ـ يقطع بانّه على تقدير مخالفته لمقتضى قطعه مرتكب لما استقل العقل ودلّت البراهين القطعية على ايراثه لاستحقاق العقوبة وهي معصية المولى ؛ لأنّه لازم إستحالة تعلّق الجعل بالنّسبة إلى العلم كما لا يخفى ، اللهم إلاّ أن يفرض اعتقاده لعدم الاستحقاق على التقدير الذي يعتقد إستحالته.
ولكنّك خبير بما فيه ، فتلخّص ممّا ذكرنا كلّه :
أنّ حاصل النزاع في المقام يرجع إلى أنّه : هل يكون للقطع تأثير في إحداث