.................................................................................................
______________________________________________________
وكيف ما كان ، فقد ظهر أنّ الأربعة لم تذكر مجتمعة في شيء من الروايات المعتبرة ، بل ذكرت متفرّقة متشتّتة ، فلا بدّ إذن من ملاحظة الجمع بينها بإضافة الأقط الوارد في النصّ المعتبر كما مرّ فتكون خمسة ، وبين ما دلّ على أنّ العبرة بما يغذّي الإنسان نفسه وعياله المعبّر عنه بالقوت الغالب.
فنقول : لا ريب في التنافي بين إطلاق الضابطين ، فإنّ بينهما عموماً من وجه ، إذ القوت الغالب قد لا يكون من الخمسة كالعدس والماش ونحوهما ، كما أنّ الخمسة قد لا تكون قوتاً غالباً ، كالزبيب لأهل العراق ، بل الشعير لغالب البلدان ، فإطلاق كلّ من الدليلين يضادّ الإطلاق في الدليل الآخر ويعارضه ، إذ العبرة في أحدهما بالقوت الغالب ، سواء أكان من الخمسة أم لا ، وفي الآخر بالعكس.
وحينئذٍ فإمّا أن يؤخذ بكلّ من الإطلاقين بأن يلتزم بكفاية القوت الغالب وإن لم يكن من الخمسة ككفايتها وإن لم تكن قوتاً غالباً ، أو يؤخذ بإطلاق أحدهما دون الآخر ، أو يقيّد كلّ منهما بالآخر.
لا سبيل إلى الأوّل قطعاً ، أمّا أوّلاً : فلعدم حجّيّة الإطلاق مع وجود ما يصلح للتقييد ، فإنّ صحيحة زرارة قد تضمنت التقييد بما يغذّي الإنسان عياله المعبّر عنه بالقوت الغالب ، ومع هذا الظهور كيف يمكن رفع اليد عنه والعمل بإطلاق الطائفة الأُخرى؟! وثانياً : أنّه قد ذكر الزبيب في نفس هذه الصحيحة ، الكاشف عن أنّه إنّما يجزئ لكونه قوتاً غالباً ، ومعه كيف يمكن الأخذ بإطلاق الطائفة الأُخرى الدالّة على كفاية الزبيب بعنوانه وإن لم يكن قوتاً غالباً؟! كما لا سبيل إلى الأخذ بإطلاق الطائفة الأُولى والحكم بكفاية أحد الخمسة مطلقاً وإن لم تكن قوتاً غالباً وارتكاب التقييد في دليل القوت بكونه من أحدها ، وذلك لعين ما عرفت آنفاً من أنّ بعض هذه الخمسة وهو الزبيب قد ذكر في نفس هذا الدليل على نحوٍ يظهر منه أنّ الاجتزاء به إنّما هو من أجل كونه قوتاً غالباً لا لخصوصيةٍ