.................................................................................................
______________________________________________________
وكأنّه يظهر منها أنّ في الحنطة خصوصيّة يكتفى فيها بنصف الصاع.
هذا ، ولو كنّا نحن وهذه الروايات من غير قرينة خارجيّة لأمكن الجمع بالحمل على الأفضليّة وأنّ الواجب في الحنطة نصف الصاع وأفضله الصاع الكامل وإن كان وارداً في مقام التحديد ، نظير ما ورد في بعض الكفّارات ، حيث ورد تارةً أنّها مدّ وأُخرى أنّها مدّان ، فجمع بينهما بالحمل على الاستحباب.
ولكن بالقرينة الخارجيّة علمنا أنّ نصوص النصف خرجت مخرج التقيّة ، وهي الروايات الكثيرة المعتبرة المتضمّنة أنّ هذه الاحدوثة من فعل عثمان وهو الذي بدّل وغيّر ، وتبعه على ذلك معاوية بعد أن عاد الحقّ إلى مقرّه في زمن خلافة مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وعلى أولاده الطاهرين ، ومن ثمّ نُسب ذلك في الأخبار تارةً إلى عثمان وأُخرى إلى طاغوت عصره معاوية ، باعتبار أنّه جدّد ما أحدثه عثمان بعد عود الحقّ إلى مقرّه ، وإليك بعضها :
فمنها : صحيحة معاوية بن وهب ، قال : سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في الفطرة : «جرت السنّة بصاع من تمر ، أو صاع من زبيب ، أو صاع من شعير ، فلمّا كان زمن عثمان وكثرت الحنطة قدّمه الناس فقال : نصف صاع من برّ بصاع من شعير» (١).
ومنها : معتبرة ياسر القمّي خادم الرضا (عليه السلام) الذي هو موثّق عندنا ، لوجوده في إسناد تفسير علي بن إبراهيم عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) «قال : الفطرة صاع من حنطة ، وصاع من شعير ، وصاع من تمر ، وصاع من زبيب ، وإنّما خفّف الحنطة معاوية» (٢) ، ونحوها رواية الحذّاء المتضمّنة
__________________
(١) الوسائل ٩ : ٣٣٥ / أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٨.
(٢) الوسائل ٩ : ٣٣٤ / أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٥.