ولكنّك خبير بما في الاستظهار.
والإنصاف أنّ المتأمّل في مجموع الأخبار المتقدّمة وغيرها ممّا ورد في بيان حكم من ترك شيئا من أجزاء الوضوء نسيانا لا يكاد يرتاب في أنّ هذه الأخبار الكثيرة بأسرها مسوقة لبيان وجوب البدأة بما بدأ به الله تعالى ، وتدارك ما أخلّ به على وجه يحصل معه الترتيب ، فيستفاد من مجموعها أنّ الأمر بإعادة ما أخلّ به ليس إلّا لتحصيل الترتيب المعتبر بين أعضاء الوضوء ، فيدور الحكم مداره ، ولا يكافئه ظهور لفظ الإعادة في الموثّقة ، أو ظهور كلمة «قبل» الظاهرة في القبليّة الفعليّة فيما ينافيه.
هذا كلّه مع قطع النظر عن القرائن الداخليّة والخارجيّة التي تشهد بصدق ما ادّعيناه ، كما يقف عليها المتأمّل. مضافا إلى عدم ظهور مخالف صريح في المسألة.
ولا فرق في جميع ما تقدّم بالنسبة إلى مخالفة الترتيب بين تمام العضو وبعضه ، فمن ترك شيئا من الوجه مثلا ، وجب عليه إعادته وما بعده إن لم يجفّ الوضوء ، وإلّا استأنف.
وعن ابن الجنيد أنّه إذا كان المنسي لمعة دون سعة الدرهم ، كفى بلّها من غير إعادة ما بعده (١).
وفيه : أنّه لا يساعد عليه دليل يعتدّ به ، عدا ما رواه الصدوق عن الكاظم عليهالسلام في عيون الأخبار عن الرضا عليهالسلام أنّه سئل عن الرجل يبقى
__________________
(١) حكاه عنه العلّامة في المختلف ١ : ١٤١ ، المسألة ٩٣.