مساويا.
والعجب ممّن وجّه كون كثير الظنّ ككثير الشكّ بانصراف ما دلّ على اعتباره فيما كان من متعارفة الموافق للحاصل لأغلب الناس.
وفيه : أنّه لا دليل على اعتبار الظنّ في الوضوء حتى يدّعى انصرافه إلى المتعارف.
ودعوى الانصراف على تقدير وجود الدليل إنّما تنفع بعد إثبات أنّ المراد من الشكّ ـ الذي أخذ موضوعا للحكم المستفاد من الأدلّة المتقدّمة ـ مطلق الاحتمال الشامل للظنّ الغير المعتبر ، وإلّا فالمرجع أصالة عدم حصول الفعل في الخارج ، فالشأن إنّما هو في إثبات ذلك لا عدم حجّيّة ظنّه حتى يدّعى انصراف أدلّة الاعتبار ، كما لا يخفى.
وأعجب من ذلك : ما ذكره بعد ذلك بقوله : وأمّا كثير القطع فإن كان متعلّق قطعه الترك ، فلا يلتفت أيضا ، لنظير ما ذكر ، إلّا إذا تبيّن نشؤه ممّا يفيد القطع لصحيح المزاج ، وإن كان الفعل ، فهو معتبر إلّا إذا تبيّن نشؤه ممّا لا يفيد القطع لسليم المزاج (١).
وفيه ما لا يخفى ، لأنّ وجوب متابعة القطع إنّما هو بإلزام العقل ، فلا يعقل دعوى الانصراف في دليله.
وعلم القاطع بأنّه لم يتوضّأ عقيب الحدث أو لم يغسل يديه بعد غسل وجهه علّة تامّة لإلزام عقله بوجوب إيجاد المأمور به.
__________________
(١) جواهر الكلام ٢ : ٣٥٩.