كما أنّه لو التفت إلى إعمال غيره ، يشكّ في صحّتها غالبا ، فلو بنى على الاعتناء بشكّه ، لضاق عليه العيش ، كما لا يخفى.
ولقد استدلّ بعض الأعلام في وجه حمل فعل الغير على الصحيح أيضا : بظاهر الحال (١) ، مع أنّ من الواضح عدم انحصار مدركه فيه ، وإلّا لاختصّ الحمل بفعل من عرف أحكامه دون الجاهل فضلا عن المعتقد للخلاف ، مع أنّ من المعلوم من سيرة الأئمّة عليهمالسلام وأصحابهم أنّهم كانوا يعاملون مع العامّة في معاملاتهم وتطهيراتهم الخبثيّة معاملة الصحيح مع ابتناء مذهبهم على مباشرة أعيان بعض النجاسات وعدم التحرّز عنها ، وكذا كانوا يحملون أعمال أهل السواد الذين لا يعرفون أحكامهم الشرعيّة أصلا على الصحيح مع أنّ الظاهر من حالهم خلافه.
وإذا ثبت عدم اختصاص مجرى القاعدة بما إذا كان الظاهر من حال الفاعل إيجاده الفعل على الوجه الصحيح ، ظهر لك عدم جواز رفع اليد عن ظواهر الأخبار المطلقة بسبب التعليل المستفاد من قوله عليهالسلام : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (٢) لأنّ كونه قرينة على التصرّف في سائر الأخبار فرع استفادة العلّيّة المنحصرة منه ، والمفروض أنّا علمنا من الخارج عدم الانحصار ، فالأقوى جريان القاعدة في جميع موارد الشكّ ، ولذا لم يستثن أحد من الأعلام من مجراها شيئا من هذه الصّور المشكلة.
واحتمال غفلتهم عنها مع عموم البلوى بها في غاية البعد ، والله العالم.
__________________
(١) نسبه الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول : ٧٢١ إلى العلّامة وجماعة ممّن تأخّر عنه.
(٢) التهذيب ١ : ١٠١ ـ ٢٦٥ ، الوسائل ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٧.