كموثّقتي سماعة (١) وموثّقة ابن أبي يعفور (٢) ، ومن اختصاص التعليل المستفاد من قوله عليهالسلام : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (٣) بما عدا هاتين الصورتين ، حيث إنّ الظاهر من هذه الرواية أنّ وجه حمل العمل على الصحيح تقديم الظاهر على الأصل.
وقد علّل غير واحد من الأعلام الحكم بالصحّة في مثل المقام :بظهور الحال ، حيث إنّ العاقل الكامل لا ينصرف عن العمل إلّا بعد إكماله ، ومن المعلوم أنّه لا ظهور لفعل الجاهل والغافل المعلوم من حالهما عدم تذكّرهما حال الفعل.
ولكنّ الأظهر هو الحمل على الصحيح في جميع صور الشكّ ، لعدم انحصار وجه الحمل في ظهور الحال ، وليس مدرك الحكم منحصرا في الأدلّة اللفظيّة حتى يدّعى الانصراف ، أو يؤخذ بمفهوم العلّة على تقدير تسليم استفادة العلّيّة وانحصارها منها ، بل العمدة في حمل الأعمال الماضية الصادرة من المكلّف أو من غيره على الصحيح إنّما هي السيرة القطعيّة ، ولولاه لاختلّ نظام المعاش والمعاد ، ولم يقم للمسلمين سوق ، فضلا عن لزوم العسر والحرج المنفيّين في الشريعة ، إذ ما من أحد إلّا إذا التفت إلى إعماله الماضية من عباداته ومعاملاته إلّا ويشكّ في أكثرها لأجل الجهل بأحكامها أو اقترانها بأمور لو كان ملتفتا إليها ، لكان شاكّا ،
__________________
(١) تقدّمتا في ص ١٧٨ و ١٧٩ ، وتقدّمت الإشارة هناك إلى أنّ الروايتين عن محمد بن مسلم لا سماعة.
(٢) تقدّمت في ص ١٧٧.
(٣) التهذيب ١ : ١٠١ ـ ٢٦٥ ، الوسائل ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٧.