وفيه : أنّ المنفي في الصحيحة إنّما هو وجوب تحصيل معرفة الإمام عليهالسلام على من لم يعرف الله ورسوله في حال جهله بالله والرسول ، وهو محال ، كما يدلّ عليه تعجّب الإمام عليهالسلام. ولا يدّعيه أحد من العدليّة ، وإنّما المدّعى أنّه يجب على من لا يعرف الله ورسوله أن يعرف الله ومن هو منصوب من قبله تعالى في تبليغ أحكامه ، ويجب عليه أن يطيعه في جميع أوامره ونواهيه ، وهذا من المستقلّات العقليّة التي لا تقبل التخصيص ، وموضوع الوجوب بنظر العقل ليس إلّا نفس المكلّف ، وقد حمل وجوب معرفة النبي صلىاللهعليهوآله والإمام عليهالسلام في الأخبار المتواترة على أشخاص المكلّفين ، ولم يؤخذ وصف الإسلام في شيء منها قيدا لوجوب معرفة الإمام عليهالسلام ، كما لا يخفى على من راجعها.
وقد استشهد على ما ادّعاه بروايات أخر (١) يجب ـ على تقدير تسليم ظهورها في مدّعاه ـ صرفها عن ظاهرها ، لأنّه يدفع بالقاطع.
الثالث : لزوم تكليف ما لا يطاق ، فإنّ تكليف الجاهل بما هو جاهل تصوّرا أو تصديقا تكليف بغير المقدور.
وفيه أوّلا : النقض بتكليفه بالإسلام ، فإنّه جاهل به تصديقا.
وحلّه : أنّه إن أريد من قبح تكليف الجاهل قبح توجيه الخطاب إليه والطلب منه ، ففيه : أنّ الخطاب أوّلا وبالذات إنّما يوجّه إلى الجاهل ، فإن علم منه تكليفه تفصيلا أو إجمالا ، يتنجّز الطلب في حقّه ، ويجب عليه
__________________
(١) انظر : الحدائق الناضرة ٣ : ٤٠ ـ ٤١.