الخروج من عهدته عقلا ، وإلّا فهو معذور ما لم يكن مقصّرا ، فلا يعقل أن يكون توجيه الخطاب إليه مشروطا بعلمه.
وإن أريد قبح تنجيزه عليه بمعنى مؤاخذته على مخالفة ما أمره به ولو لم يعلم حكمه من الخطاب أو لم يصله الخطاب الموجّه إليه ، ففيه : أنّه إنّما يقبح بالنسبة إلى القاصر دون المقصّر الذي يجب عليه الفحص والسؤال ، ولذا لم يقل أحد بمعذوريّة الجاهل بالأحكام الشرعيّة إذا عمل بالبراءة قبل الفحص عن الطرق الشرعيّة.
نعم ، هاهنا كلام ، وهو : أنّ الجاهل المقصّر إذا غفل ووقع في مخالفة الواقعيّات في زمان غفلته هل يعاقب لأجل مخالفته للأحكام الواقعيّة ، كما عن المشهور ، أو بسبب تركه للتعلّم حين التفاته إلى الحكم وتردّده ، كما عن المحقّق الأردبيلي وصاحب المدارك (١) قدس سرّهما؟
وهذا أجنبيّ عمّا نحن فيه ، لأنّ المقصود إثبات مشاركة الكفّار مع المسلمين في الأحكام الواقعيّة ، واستحقاقهم للعقاب بمخالفتها في الجملة ، وأمّا تعيين ما هو سبب للاستحقاق بالنسبة إلى ما يصدر منهم في زمان غفلتهم فلسنا في مقام بيانه.
وقد تقرّر في محلّه أنّ الأقوى ما عليه المشهور ، وسيأتي بعض الكلام فيه في المرتدّ الفطري إن شاء الله.
__________________
(١) حكاه عنهما الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ١٧٧ ، وانظر : مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣٤٢ و ٢ : ١١٠ ، ومدارك الأحكام ٢ : ٣٤٥ ، و ٣ : ٢١٩.