واستشهد لذلك بشهادة العقلاء قاطبة بحسن مؤاخذة من رمى سهما لا يصيب زيدا ولا يقتله إلّا بعد مدّة بمجرّد الرمي (١).
وفيه : أنّه لا يعقل أن يتقدّم عقاب المخالفة على نفسها ، لأنّ المعلول لا يتقدّم على علّته.
وإن أبيت إلّا عن ذلك ، فليلتزم بأنّ علّة الاستحقاق إنّما هي ترك المقدّمة ، الذي هو سبب لترك ذيها ، لا ترك ذي المقدّمة من حيث هو ، غاية الأمر أنّ حكمة سببيّته ترتّب ترك ذيها عليه ، وهذا هو القول بالعقاب على ترك المقدّمة ، وقد تقرّر في محلّه ضعفه.
وأمّا الاستشهاد له بمذمّة العقلاء قاطبة واتّفاقهم بحسن المؤاخذة في المثال ، ففيه : أنّ مذمّة العقلاء ومؤاخذتهم إنّما هي على تجرّيه وإيجاده سبب القتل ، ولذا يذمّونه بعد أن عرفوا ذلك من نيّته وإن أخطأ سهمه.
نعم ، ربما يذمّونه ويلومونه على إيجاده سبب استحقاق عقوبة القتل عند حصوله ، لا أنّهم يعاقبون عقوبة القتل بمجرّد حصول السبب ، كيف! مع أنّ القصاص وأخذ الدية التي هي عقوبة القتل قبل حصوله من المستنكرات لدى العقلاء بحيث صار مثلا.
ثمّ إنّه ربما يستشكل في صحّة عقاب تارك المقدّمة بالنسبة إلى التكاليف الموقّتة التي لم تحضر أوقاتها.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٥١٤.