صرفة.
وإن أريد عدم منافاته لاتّصاف الفعل الصادر منه اضطرارا بكونه فعلا اختياريّا له قابلا للاتّصاف بالحسن والقبح وتعلّق الأمر والنهي به في الجملة ، فهو حقّ لا محيص عنه ، إذ يكفي في اختياريّة الفعل واتّصافه بالحسن والقبح وصحّة تعلّق الطلب به فعلا أو تركا قدرته عليه في الجملة ، ولا يشترط بقاء القدرة إلى زمان حصول الفعل ، كما هو الشأن في التكليف بالحجّ ونحوه ، ولكنّه إنّما يقتضي هذا النحو من القدرة جواز التكليف بالفعل في زمان استطاعته ، وأمّا بعد أن صيّره ممتنعا على نفسه ـ بأن تخلّف عن الرفقة ـ فقد انقطع الخطاب وارتفع التكليف ، واندرج المكلّف في الموضوع الذي استقلّ العقل بقبح توجيه الطلب إليه ، فكما أنّ التكليف يرتفع بالعصيان كذلك يرتفع بالامتناع ، لكن إذا كان الامتناع اختياريّا للمكلّف ، تكون المخالفة المسبّبة عنه مخالفة اختياريّة ، فيعاقب عليها.
وهل يستحقّ العقاب من حين ترك المقدّمة أو في زمان حصول المعصية؟ وجهان ، أوجههما : الثاني ، كما عن المشهور (١).
واختار شيخ مشايخنا المرتضى رحمهالله الأوّل ، نظرا إلى أنّه لا وجه لترقّب حضور زمان المخالفة في حسن العقاب بعد انقطاع التكليف وصيرورة الفعل مستحيل الوقوع لأجل ترك المقدّمة.
__________________
(١) نسبه إليه الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول : ٥١٢.