وبهذا ظهر لك ضعف الاستدلال بالرواية أيضا ، لما عرفت من جواز مسّ الورق على غير طهر فضلا عن مسّ الخيط ، فيكون المراد من النهي مطلق المرجوحيّة ، فلا يستفاد منها بالنسبة إلى الجنب أزيد من الكراهة ، فيفهم مرجوحيّة مسّ الورق من إطلاق النهي عن مسّ المصحف ومن فحوى النهي عن مسّ الخيط والتعليق.
واستدلال الإمام عليهالسلام بالآية لا ينافي إرادة مطلق المرجوحيّة ، لأنّ كونها دليلا على بعض المطلوب مع مناسبتها لتمام المدّعى يحسن الاستشهاد بها ، والله العالم.
وقد يستدلّ للمرتضى رحمهالله بصحيحة ابن مسلم ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : «الجنب والحائض يفتحان المصحف من وراء الثياب ويقرءان من القرآن ما شاءا إلّا السجدة» (١).
وفيه : أنّ غاية ما يمكن استفادته منها إنّما هي مرجوحيّة المسّ ، الغير المنافية للكراهة ، وليست الجملة الخبريّة مستعملة في الوجوب حتى يقال : إنّ ظاهرها الوجوب الشرطي ، ومقتضاه حرمة فتح المصحف بغير هذه الكيفيّة ، لأنّ فتح المصحف من المقدّمات العاديّة للقراءة وليس بواجب شرعيّ أو شرطيّ.
ولكن تقييده في الرواية بكونه من وراء الثوب يدلّ على إرادة الاحتراز عن المباشرة ، لأنّ هذا هو النكتة الظاهرة ، وكون المسّ مكروها
__________________
(١) التهذيب ١ : ٣٧١ ـ ١١٣٢ ، الوسائل ، الباب ١٩ من أبواب الجنابة ، الحديث ٧.