لو كانت اللمعة قليلة فممّا لا ينبغي الالتفات إليه بعد العلم بإرادة غسل الجميع حقيقة من دون مسامحة ، وإلّا لما وجب غسلها فيما بعد ، كما لا يخفى.
وأمّا ما احتمله البعض من جريان حكم الترتيب فهو مبنيّ على القول بالترتيب الحكميّ في الغسل الارتماسي ، كما حكي عن بعض (١) أصحابنا.
وعن الاستبصار (٢) احتماله في مقام الجمع بين الأخبار الدالّة على اعتبار الترتيب في الغسل والأخبار الدالّة على كفاية ارتماسة واحدة.
وفيه ما لا يخفى من الضعف ، ومخالفته لظواهر النصوص والفتاوى ، وقد أشرنا فيما سبق إلى أنّ اخبار الارتماس حاكمة على ما دلّ على اعتبار الترتيب ، فيخصّص بها إطلاقها.
بل الإنصاف أنّه لو أريد الجمع بين الأخبار لا على وجه التخصيص ، لكان رفع اليد عن ظواهر ما دلّ على اعتبار الترتيب ـ بدعوى ورودها مورد الغالب أو كون الأمر المتعلّق بإيجاد الغسل مرتّبا ، لكونه أفضل أفراد الواجب ـ أهون من التصرّف فيما دلّ على كفاية الارتماس من دون مراعاة الترتيب.
ثمّ إنّا قد أشرنا إلى أنّ القدر المتيقّن الذي ينسبق إلى الذهن من مثل قوله عليهالسلام : «إذا ارتمس الجنب في الماء» (٣) إلى آخره إنّما هو إرادة ما لو
__________________
(١) حكاه عنه الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٢٩ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ١٢١.
(٢) الحاكي هو صاحب الجواهر فيها ٣ : ٩١ ـ ٩٢ ، وانظر : الاستبصار ١ : ١٢٥ ذيل الحديث ٤٢٤.
(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ٣٧٣ ، الهامش (١).