دون أن يكون له مدخليّة في صحّة الغسل ، ففيه ما لا يخفى ، لأنّ المتبادر من الأمر المتعلّق به في بعض الأخبار المسوقة لبيان آداب الغسل وكيفيّته ـ كالصحيحة المتقدّمة (١) ـ ليس إلّا مطلوبيّته لأجل الغسل لا الوجوب النفسيّ ، كالأمر بغسل اليد وإدخال اليد في الإناء وغيرهما من التفاصيل المذكورة في الصحيحة ، وبعد أن علم بواسطة القرائن الداخليّة والخارجيّة أنّه ليس للبول ـ كغسل اليد ـ مدخليّة في صحّة الغسل يفهم من الرواية أنّ له مدخليّة في كماله إمّا لكون الغسل عقيب البول في حدّ ذاته هو الفرد الأفضل ، فيكون البول قبل الغسل كغسل اليدين قبله مستحبّا غيريّا ، أو لكونه موجبا للاطمئنان ببقاء أثر الغسل وعدم كونه في عرضة الانتقاض ، فيكون الأمر به إرشاديّا محضا.
ولعلّ هذا هو المتبادر منه في مثل المقام ، لأنّه بعد أن علم أنّ بقاء شيء من المنيّ في المجرى ليس مانعا من صحّة الغسل لكن خروجه سبب لانتقاض الغسل ، لا ينتقل الذهن عند الأمر بالبول ـ الذي هو سبب عادي لخروج البقيّة ـ إلّا إلى إرادة تنقية المجرى ، لئلّا ينتقض الغسل فيما بعد.
فعلى هذا يشكل القول باستحبابه قبل الغسل ، إذ المفروض عدم كون الأمر المتعلّق به مولويّا حتى يثبت به الاستحباب الشرعيّ.
وأشكل منه القول باستحباب الاستبراء قبل الغسل.
__________________
(١) أي : صحيحة أحمد بن محمد ، المتقدّمة في ص ٣٩٦.