سوق الأخبار به هو : أنّ الأخبار النافية للإعادة ليست مسوقة لبيان حكم البلل المردّد بين كونه من بقيّة المنيّ السابق أو شيئا آخر بحيث يكون منشؤ الشكّ الشبهة في المصداق ، كما هو مورد الأخبار السابقة ، بل هي مسوقة لتحقيق أمر واقعي اختفى على السائل ، لجهله بحقيقته ، وتخيّله أنّ كلّ ما يخرج بعد الإنزال من الرطوبات اللزجة هو الماء الذي يخرج من بين الصلب والترائب ، الذي يجب لأجله الغسل ، فدفع الإمام عليهالسلام توهّمه ، وبيّن له أنّ الرطوبة التي يجدها بعد الإنزال تنزل من الحبائل ، ولا تخرج من بين الصلب والترائب ، فلا توجب الغسل ، ولا ينافي ذلك وجوب الغسل عليه عند اشتباه مصداق المنيّ بمصداق هذا المفهوم الذي بيّنه له ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّ الأخبار السابقة ـ كفتاوى الأصحاب ـ وإن كان موضوعها البلل المشتبه ولكنّ الحكم الثابت له ليس محمولا عليه بوصف كونه مشتبها حتى يكون وجوب الغسل قاعدة تعبّديّة ثابتة بالأدلّة الخاصّة على خلاف الاستصحاب ، بل إنّما أوجب الشارع الغسل لأجله ، لكونه بحسب الظاهر من بقيّة المنيّ السابق ، فقد رجّح الشارع الظاهر على الأصل ، وجعله طريقا لإثبات متعلّقه ، أعني كون ما خرج منيّا ، كما لا يخفى على من تأمّل فيها وفي غيرها من الأخبار الدالّة على كون البلل الخارج بعد البول بولا ، فتكون هذه الأخبار ـ كالأخبار الدالّة على اعتبار قول الثقة ـ حاكمة على الأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشكّ ، ولذا لا ينبغي الإشكال في وجوب ترتيب جميع آثار المنيّ عليه من وجوب إزالته والاغتسال منه