وفيه : ما عرفت [من] أنّ ظهور الفعل لا يقاوم ظهور القول الصادر منهم عليهمالسلام في استحباب الغسلة الثانية.
وأمّا رواية عبد الكريم : فيحتمل قويّا أن يكون مراد الإمام عليهالسلام أنّ الفضل في غسلة واحدة يزيدها على الغسلة المفروضة بقرينة قوله عليهالسلام بعده : «ومن زاد على اثنتين لم يؤجر».
وعلى تقدير تسليم ظهورها في عدم استحباب الثانية ، كالمراسيل بعد الإغماض عن إرسالها لا بدّ من رفع اليد عن هذا الظاهر إمّا بحملها على نفي الأجر لمن لم يستيقن بأنّ الواحدة تجزئه بقرينة قوله عليهالسلام في خبر عبد الله بن بكير : «من لم يستيقن أنّ الواحدة من الوضوء تجزئه لم يؤجر على اثنتين» (١) فإنّ هذا الخبر مفهوما ومنطوقا يصلح شاهدا للجمع بين مثل هذه الأخبار والأخبار المتقدّمة على وجه يوافق مذهب المشهور ، كما لا يخفى ، أو بردّ علمها إلى أهل البيت عليهمالسلام ، فإنّهم أولى بذلك ، لقوّة المعارض سندا ودلالة واعتضادا بالشهرة والإجماعات المنقولة.
والعجب ممّن استظهر من مثل هذه الروايات حرمة الثانية ، لاستلزام عدم الأجر عدم الأمر ، وهو ينافي كونها عبادة ، فتكون بدعة محرّمة.
وفيه : أنّه اجتهاد في مقابلة النصّ ، لأنّ التفصيل في نفس هذه الروايات بين الثانية والثالثة قاطع للشركة ، فصريحها عدم كون الثانية
__________________
(١) التهذيب ١ : ٨١ ـ ٢١٣ ، الإستبصار ١ : ٧١ ـ ٢١٨ ، الوسائل ، الباب ٣١ من أبواب الوضوء ، الحديث ٤.