كالثالثة بدعة ، وظاهرها كونها كلفة زائدة ، فهي بظاهرها دليل على القول المحكي عن المشايخ المتقدّمة وأتباعهم من متأخّري المتأخّرين ، كصاحب المدارك وكاشف اللثام وغيرهما.
ولكن يتوجّه على هذا القول ـ مضافا إلى ما عرفت من عدم إمكان رفع اليد عن ظواهر الأدلّة المتقدّمة بظواهر هذه الأخبار ، خصوصا مع وجود شاهد الجمع وقابليّة هذه الأخبار للتأويل ـ ما قد يقال من عدم معقوليّة اتّصاف جزء العبادة بالجواز.
ويمكن توجيهه : بأنّ جزء الوضوء إنّما هو طبيعة الغسل ، الصادقة على الغسلة والغسلتين دون ما زاد بقرينة الأخبار الناهية عمّا زاد على الغسلتين ، فالزائد على ما يتحقّق به مسمّى الغسل كلفة زائدة لا حاجة إليها.
ونظيره في التدريجيّات : ما لو أمر المولى عبده بالتكلّم مع زيد ، فأطال في الكلام ، فإنّه لا يستحقّ بتطويله أجرا زائدا على ما يستحقّه بالتكلّم معه على تقدير اقتصاره على بعض ما تكلّم به ، مع أنّ طاعة المولى في الفرض إنّما تتحقّق بمجموع الكلام الذي يصدر منه ، فهو ما دام متشاغلا بالكلام مشغول بالامتثال.
ولكن يشكل ذلك بأنّ ذلك إنّما يتصوّر في التدريجيّات في مثل الكلام والجلوس وغيره ممّا له نحو ارتباط بنظر العرف بحيث يعدّ ما يصدر منه في الخارج مصداقا واحدا لطبيعة المأمور به ، لا مثل الغسل ، فإنّ كلّ غسلة مصداق مغاير لغيرها من الغسلات ، فلا يعقل بقاء الأمر بالطبيعة بعد تحقّقها في الخارج في ضمن الغسلة الأولى.