لأنّ الأدلّة بأسرها ناطقة بأنّ وظيفة الوجه واليدين هو الغسل دون المسح.
ودعوى : أنّ أخبار الباب ـ على تقدير تسليم دلالتها على كفاية المسح برطوبة مسرية ـ حاكمة على جميع الأدلّة ، لأنّها مبيّنة لما أريد من الغسل المأمور به في الكتاب والسنّة ، فيجب تقديمها عليها ، فاسدة جدّا ، لأنّ حكومتها على سائر الأدلّة فرع صلاحيّة سائر الأدلّة لأن يفسّر بها ، ومن المعلوم أنّ الغسل في الكتاب والسنّة حيث جعل قسيما للمسح لا يصلح لأن يفسّر بما يعمّ المسح ، كما لا يصلح أن يفسّر المسح بما يعمّ الغسل.
ولا ينافي هذا ما تقدّم منّا من أنّ الجريان الحاصل في ضمن المسح الموجب لحصول الغسل تبعا للمسح غير مضرّ في حصول امتثال الأمر بالمسح الذي قصده أصالة ، لما عرفت في محلّه من أنّ حصولهما بفعل واحد لا يمنع من مغايرتهما ذاتا ، لا أنّ الغسل يجزئ عن المسح ، وهذا بخلاف ما نحن فيه ، فإنّ مقتضى جعل وجه الشبه نفس التمسّح كفاية ماهيّة المسح عن الغسل ، وهو يناقض صريح الأدلّة الثلاثة ، فتعيّن أن يكون التشبيه من حيث قلّة الماء الذي يستعمله ، أو من حيث كفاية الماء القليل الباقي على المغسول بعد الغسل ، فيكون الغرض بيان كفاية إيصال الماء إلى الأعضاء ولو لم ينفصل عنها ، كما في الدهن ، وهذا لا ينافي اعتبار الجريان بمعنى انتقال الماء من جزء إلى آخر في مفهوم الغسل المعتبر في الوضوء وعدم كفاية المسح.
نعم ، لو قلنا بأنّ المتبادر من الغسل وضعا أو إطلاقا إنّما هو إجراء