يقول : الغسل من الجنابة والوضوء يجزئ من الماء ما أجزأ من الدهن الذي يبلّ الجسد» (١) وفي بعض النسخ «ما أجرى» بالراء المهملة. وفي رواية محمد بن مسلم : «يأخذ أحدكم الراحة من الدهن ، والماء أوسع من ذلك» (٢) وموثّقة زرارة في غسل الجنابة «أفض على رأسك ثلاث أكفّ وعلى يمينك ويسارك إنّما يكفيك مثل الدهن» (٣) ـ فلا ينافيها اعتبار وفور البلّة الواصلة إلى المغسول بحيث تقبل الانتقال من عضو إلى عضو آخر تحقيقا لماهيّة الغسل المأمور بها.
ولا يصحّ تنزيل مثل هذه الأخبار على إرادة كفاية التمسّح باليد النديّة برطوبة مسرية بأن يكون هذا هو الوجه في التشبيه ، لا قلّة الماء وإمساس البدن له من دون انفصاله عنه ، لا لمجرّد دعوى ظهور الأخبار في إرادة التشبيه من حيث قلّة الماء وعدم انفصاله عن المحلّ المغسول ، كما يعتبر ذلك في إزالة النجاسة والقذارات الصوريّة ، ولا لدعوى أنّ ارتكاز وجوب الغسل في الذهن يوجب انصراف الذهن عند استماع هذه الروايات إلى ما يحصل به أقلّ مسمّى الغسل ، ولا لدعوى أنّ الادّهان على الوجه المتعارف لا ينفكّ غالبا عن هذا المقدار من الجري المعتبر في صدق المسمّى وصحّة الوضوء وإن كان كلّ منها لا يخلو عن وجه ، بل لمعارضتها على هذا التقدير ظاهر الكتاب والسنّة والإجماع بل صريحها ،
__________________
(١) التهذيب ١ : ١٣٨ ـ ٣٨٥ ، الإستبصار ١ : ١٢٢ ـ ٤١٤ ، الوسائل ، الباب ٥٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٥.
(٢) الكافي ٥ : ٢٤ ـ ٣ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب الوضوء ، الحديث ٧.
(٣) التهذيب ١ : ١٣٧ ـ ٣٨٤ ، الوسائل ، الباب ٣١ من أبواب الجنابة ، الحديث ٦.