وتتلف ، كما هو الشأن في الدهن.
فوجه الشبه قلّة الماء وعدم ضياعه وتلفه ، لا كونه كالدهن في كفاية المسح وعدم وجوب الغسل كما قد يتوهّم ، وإلّا لحصل التنافي بين صدر العبارة وذيلها ، إذ لا يحصل مسمّى الغسل إلّا بإحاطة الماء على المغسول وجريانه في الجملة بمعنى انتقاله من جزء إلى جزء آخر ولو بالقوّة ، لأنّ الجريان والإحاطة في الجملة مأخوذ في مفهومه على ما يتبادر منه لغة وعرفا ، كما صرّح به جمع من العلماء ناسبين ذلك إلى المشهور ، بل المجمع عليه ، مستشهدين بتصريح اللغويّين بذلك.
هذا ، مع أنّ اعتبار كون غسل الوجه واليدين بالماء المطلق ممّا لا شبهة فيه ، فلا ينبغي التأمّل في عدم كفاية مسح الوجه باليد النديّة في حصول مسمّاه عرفا ، حيث إنّ مجرّد النداوة لا يطلق عليه الماء في العرف ، بل هي كالبخار مفهوم مغاير ، فالغسل بالماء إنّما يتحقّق إذا كان ما في اليد الغاسلة مصداقا للماء في العرف ، وهذا لا ينفكّ عن الإحاطة والجريان المعتبر في ماهيّة الغسل.
وعلى ما وجّهنا به عبارة المصنّف رحمهالله ينزّل أخبار الباب ـ كصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم «إنّ الوضوء حدّ من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه ، وإنّ المؤمن لا ينجّسه شيء وإنّما يكفيه مثل الدهن» (١) وموثّقة إسحاق بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام «أنّ عليّا عليهالسلام كان
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢١ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٢٥ ـ ٧٨ ، التهذيب ١ : ١٣٨ ـ ٣٨٧ ، الوسائل ، الباب ٥٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.