الفلاني وائتني بالماء الذي في ذلك المكان ، يجوز للعبد ـ إذا علم أنّ مقصوده ليس إلّا إحضار الماء ـ مخالفة هذه الأوامر إذا أمكنه إحضار الماء بوجه آخر ولو بسبب غير عادي ، لأنّ عنوان الواجب الواقعي حينئذ بنظر العقل أعمّ من الفعل الواقع في حيّز الطلب وما يقوم مقامه في التوصّل إلى تحصيل الغرض ، فله بحكم العقل إيجاد متعلّق الأمر في التوصّليّات بالتسبيب ناويا فيه امتثال الأمر الواقعي المنجّز في حقّه.
وهذا بخلاف التعبّديّات ، فإنّه لا يجوز فيها مخالفة ظاهر الطلب إلّا بعد ورود دليل خاصّ على أنّ المقصود يحصل بإيجاد الفعل مباشرة أو تسبيبا.
نعم ، ربّما يستفاد ذلك من نفس الطلب ، كما في أمر الشارع ببناء المساجد ونحوها.
والحاصل : أنّ المتبادر من طلب فعل من شخص وجوب إيجاده بنفسه ، وجواز التخطّي عن هذا الظاهر يحتاج إلى دليل ، وهو في التوصّليّات موجود ، وفي التعبّديّات يدور مدار الأدلّة الخاصّة ، وليس فيها دليل عامّ يقتضيه على الإطلاق ، فالأصل فيها عدم جواز التسبيب بل وكذا الأصل فيها عدم قبولها للاستنابة ، لما عرفت من ظهور الأدلّة في وجوب المباشرة المتعذّر حصولها بفعل النائب.
فما قيل (١) من أنّ الأصل في العبادات قبولها للنيابة ، لعمومات أدلّة
__________________
(١) انظر : جواهر الكلام ٢ : ٣١١.