ولكنه قد سمع قولهم : ما أعطاه للدرهم ، وما أولاه للخير ، من : أعطى ، وأولى ، وهما زائدان بهمزة التعدية ، وهذا مقصور على السماع ، وساغ ذلك فى أفعل عند سيبويه ، دون غيره من الأبنية المزيد فيها ؛ لأن أفعل ظاهر معناه ، ليس فيه لبس (١). أى : إن الهمزة تكون للتعدية لا غير ، لا لأداء معنوىّ آخر يضيع ويلتبس فيما إذا جرّد الفعل ليكون على مثال (أفعل) فى التعجب ، كما يحدث فى مثل : تفاعل ، أو استفعل أو غيرهما ، ويضرب لذلك مثل إذا تعجبنا من (اضطرب) فقلنا : ما أضربه ، لم يعلم أهو ضارب ، أم مضطرب فى نفسه ، أم غير ذلك ؛ لذا لم يتعجب مباشرة من أكثر من ثلاثى.
كما شذّ من ذلك قولهم : ما أتقاه لله ؛ لأنه من اتقى ، وقولهم : ما أملأه القربة ، من امتلأت ، وما أغنانى عن الناس وأفقرنى إلى الله ؛ لأنهما من : استغنى ، وافتقر.
ويردّ على ذلك بأنه سمع : تقى بمعنى خاف ، وملؤ بمعنى امتلأ ؛ وغنى بمعنى استغنى ، وفقر بضم القاف وكسرها بمعنى افتقر ، كما شذ : ما أخصره ؛ لأنه من اختصر ، بزيادة فى الفعل ، وبناء للمجهول.
٣ ـ أن يكون متصرفا ، فلا يصاغ من :
أ ـ الجامد : حيث لا يصاغ من : عسى ، ونعم ، وبئس ، وليس ، وهبّ ، وتعلم ... إلخ.
ب ـ ناقص التصرف : نحو : كاد ، وكرب ، وأوشك ...
ج ـ ما استغنى عن تصرفه بتصرف غيره : كيذر ويدع ، حيث لم يستعمل الماضى منهما لاستعماله فى مرادفهما (ترك) ، والاستغناء به عن ماضيهما.
٤ ـ أن يكون تاما ، فلا يصاغ مما هو ناقص ، أى : يلزمه المنصوب ، نحو : كان وأخواتها ، وأفعال المقاربة والرجاء والشروع.
__________________
(١) ينظر شرح ابن يعيش ٧ ـ ١٤٥.