ترد (من) فى الجملة لتؤدى الدلالات الآتية من خلال السياق :
١ ـ ابتداء الغاية فى المكان :
وهى الداخلة على محل ابتداء الفعل. نحو : وكان محمود خرج ليلا من موضع كان فيه ، وانطلق كخروج الصوت من الجوف ، فالمجروران (موضع ، والجوف) يدلان على مكان ، وقد أدت (من) معهما ابتداء الغاية فى هذا المكان (١) ومنه أن تقول : خرجت من البيت ، وقوله تعالى : (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) [فصلت : ٥].
٢ ـ ابتداء الغاية فى الزمان :
نحو قوله تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) [الروم : ٤] ومن نحو : الخروج من جاهليتها ، وقوله تعالى : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) [التوبة : ١٠٨](٢) ونحو : ست سنين من خلافة عثمان ، من قبل استتمام قراءته ، والمجرورات (جاهلية ، خلافة ، قبل استمام) تدل على أزمنة ، وقد أدت (من) مدلول ابتداء الغاية فى هذه الأزمنة ، وهذا عند الكوفيين ، أما البصريون فيتأولونه ، وابن مالك يذهب مذهب الكوفيين (٣) ، كما ذكر الأخفش (٤) والمبرد وابن درستويه والهروى (٥) هذه الدلالة كذلك.
__________________
(١) انظر : الكتاب ٤ ـ ٢٢٤.
(٢) (المسجد) اللام للابتداء حرف مبنى لا محل له من الإعراب. مسجد : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.
(أسس) فعل ماض مبنى على الفتح مبنى للمجهول. نائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية فى محل رفع ، نعت لمسجد. (على التقوى) حرف جر مبنى ، واسم مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر ، وشبه الجملة متعلقة بالتأسيس. (من أول يوم) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بالتأسيس. (أحق) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (أن) حرف مصدرى ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. (تقوم) فعل مضارع منصوب بعد أن ، وعلامة نصبه الفتحة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت ، والمصدر المؤول منصوب على نزع الخافض. (فيه) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالقيام.
(٣) التسهيل ١٤٤.
(٤) انظر : الإنصاف ٥٤٢ / الهمع ٢ ـ ٣٤.
(٥) انظر : الأزهية ٢٩٢ ، ٢٩٣.